العدد 3766
الثلاثاء 05 فبراير 2019
banner
إيران القصة تعيد نفسها أم ماذا؟ (1)
الثلاثاء 05 فبراير 2019

هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى سقوط نظام الشاه في 11 فبراير ‏1979، لكن لا يمكن لأحد أن ينكر السبب الأساسي للسقوط وهو رفض الشعب للنظام وإصراره على إسقاطه حيث شهد العالم كله زلزال الغضب ضد ذلك النظام، والذي جسد موقفا تاريخيا لم نشهده إلا في الثورتين الفرنسية والبلشفية من حيث التأكيد على انفصام العلاقة بين الشعب والنظام وإظهار مدى بشاعة الديكتاتورية وإلى أي حد هي مكروهة من الشعوب إذا ما نهضت نهضتها الحاسمة.

عندما كان نظام الشاه يقوم بالاحتفالات الأسطورية المبالغة في مظاهر البذخ والتبذير الخاصة بها، ولاسيما ذلك الاحتفال الذي أقامه بمناسبة مرور 2500 عام على قيام الامبراطورية الإيرانية في العام 1971، وكلف ما يعادل 1.5 مليار جنيه أسترليني، واستمر ثلاثة أيام، في هذا الوقت بالذات، كانت مظاهر الفقر والجوع تسحق الغالبية العظمى من الشعب الإيراني، وكان الإيراني لا يجد ما يسد به جوع أبنائه لكنه يرى أن الشاه ومن أجل هذا الاحتفال الأسطوري قام بإحضار مطعم ماكسيم الفرنسي الذي كان أفضل مطعم وقتها لتغطية الحفل، فشملت قائمة الطعام الضأن الفرنسي مع الكمأ ورأس الكبش، والطاووس الامبراطوري المحاط بالمئات من السمان والمحشو بكبد الأوز، وأنه كان ينقل يوميا قالبا من الثلج بحجم السيارة عبر الصحراء بطائرة هيلكوبتر فقط ليضاف إلى النبيذ الأبيض واستيراد 50 ألف طائر للتغريد بصوت لطيف، في هكذا أجواء كان من الطبيعي جدا أن تزداد غالبية الشعب الإيراني في ذلك الوقت سخطا وغضبا وأن ترى في الشاه ونظامه عدوا.

في تلك الأيام، حيث كان الشعب يتلوى جوعا وتتضاعف معاناته يوما بعد يوم، كان جهاز “السافاك” الأمني المعروف ببطشه وقسوته يصعد من إجراءاته القمعية بحق الشعب، وكان الجواسيس في كل مكان حتى أنه يقال إن العوائل الإيرانية لم تكن تسلم من ذلك، في تلك الأيام، لم يكن هناك من يقف بقوة وصلابة ضد هذا النظام ويخوض صراعا ضاريا ضده سوى منظمة مجاهدي خلق إلى جانب منظمة فدائي خلق، وكان تركيز نظام الشاه وجهازه الأمني “السافاك” على هذين التنظيمين وبصورة خاصة على منظمة مجاهدي خلق، ولاسيما عندما بادر النظام في يوم 25 مايو 1972، إلى إعدام جميع أعضاء اللجنة المركزية الأولى للمنظمة، ما عدى مسعود رجوي الذي تحول حكم إعدامه إلى الحبس المؤبد وبقي في السجن إلى عشرة أيام من مجيء الخميني إلى إيران في العام 1979. “إيلاف”.

“إصرار الشعب على إسقاط نظام الشاه جسد موقفا تاريخيا لم نشهده إلا في الثورتين الفرنسية والبلشفية من حيث التأكيد على انفصام العلاقة بين الشعب والنظام”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .