العدد 3758
الإثنين 28 يناير 2019
banner
في الخطيئة الراسخة (1)
الإثنين 28 يناير 2019

لم يتغيّر الحال الإيراني ولا يبدو أنه آيل إلى ذلك التغيير، أقله في المدى المنظور تبعاً لاعتبارات السلطة وتركيبتها في طهران أولاً وأساساً، ثمّ تبعاً للاستنفار التام الذي تفرضه الحرب الفاترة الدائرة رحاها مع الأميركيين برئاسة دونالد ترامب.

وهذه الحرب فيها كرٌّ وفرٌّ، لكن شروطها تستدعي التمسّك بكل أوراق “القوّة المُفترضة” حتى لو كانت حسابات أحد طرَفيها، أي الإيراني في الحالة الراهنة، تذهب باتجاه العمل على تفاديها أو استيعابها بالتي هي أسلم وأحسن!

هذه حرب لا تريدها إيران لكنها وصلت إليها بأدائها ونهجها، وأوصلت الهاجمين عليها إلى زاوية مقفلة لا مخرج منها إلا بالمواجهة، راهنت طويلاً على إتعاب الآخرين من خلال اعتماد تكتيكات غير سوية لكنها في المحصلة أساءت تقدير الأمر استراتيجياً واصطدمت بالحائط.

في بعض النصوص المستعادة تذكير ببعض تلك التفاصيل الأدائية تبعاً لدوام الحال.

كان الأمر مسألة وقت فقط قبل أن يصل مشروع إيران في المنطقة العربية إلى الزاوية المقفلة التي لا تعني شيئاً آخر سوى الاصطدام بالحائط والفشل في اختراقه.

وكان الأمر مسألة وقت فقط، قبل أن يأخذ قانون البقاء مداه، حيث لكل فعل ردّ فعل موازٍ، وحيث يستحيل “الاستمرار” في ظلّ انكسار ذلك المبدأ أو في ظل دوام لعبة التهدئة في مواجهة التوتير، والاستيعاب في مواجهة الهجوم، والرهان على صمود “المشتركات” في وجه مَن ينفيها لصالح الفرادة المدّعاة أو الخصوصية المفترضة أو الإصرار على الاختلاف “المذهبي أساساً!”.

استطرد أصحاب المشروع الإيراني في “اجتهاداتهم”! وافترضوا شيئاً قريباً من الوهم: الاستثمار في الوهن العراقي، و”التواضع” اليمني، والتعدّد اللبناني، والانهيار السوري. وفي الافتراض العمومي، بأن الجانب العربي في جملته يمرّ بأصعب مراحله وأكثرها هرياناً، وأن الانتفاضات والثورات التي سُمِّيت ربيعاً ليست في الخلاصة، سوى فرصة لابد من انتهازها والبناء عليها والتوظيف في تفاصيلها وراهنها، خصوصاً أن تلك الوضعية المستجدّة طاولت مصر المؤثرة والمركزية والكبيرة. مثلما طالت ليبيا وتونس “البعيدة”، بعد أن كان المثال العراقي أول عناوين السقوط وأخطرها. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية