العدد 3724
الثلاثاء 25 ديسمبر 2018
banner
ستراسبورغ... تعايش أم تطرف؟
الثلاثاء 25 ديسمبر 2018

بات مألوفا أن نشهد تركيزا كبيرا واهتماما واسعا وإدانات بطول الدنيا وعرضها عندما يقع حادث عنف وعمل إرهابي يقف وراءه أحد الأشخاص “المنتمين للدين الإسلامي”، بينما يكون التجاهل والتهوين من الأحداث المماثلة، بل ربما الأخطر والأفظع، طالما كان المتهم فيها من أبناء الديانات الأخرى، وتظهر أقاويل المرض النفسي والجنون وغيرها من التأويلات التي تقلل من أهمية الحدث وتوجه لقليل من التعاطف مع مرتكب الحدث.

وتأكيدًا لهذا النهج الذي يؤكد وجود انحياز ضد الإسلام ورغبة في نشر وتوزيع الاتهامات هنا وهناك، نشرت صنداي تلغراف البريطانية مؤخرا تقريرا كتبه هنري صامويل عن مدينة ستراسبورغ الفرنسية التي شهدت وقوع حادثة إرهابية في سوق عيد الميلاد، قام بها المدعو شريف شيخات يوم ١٢ ديسمبر الجاري، في حادث اعتبره التقرير دليلا على انتشار “التطرف الإسلامي” في المدينة.

الغريب أن الكاتب البريطاني رفض الأخذ أو الاهتمام بالروايات الكثيرة التي سمعها من سكان المدينة وأبنائها عن التعايش بينهم وحالة السلام التي تسود المدينة والصداقة بين المسلمين والمسيحيين، مشيرين إلى أن “شيخات” لا يعرف شيئًا عن الإسلام، إنما كان يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات ولا علاقة له بالدين أصلا، وهذا أمر تؤكده الأوراق الرسمية الفرنسية نفسها، إذ لديه سجل جنائي طويل من الجرائم وقضى عدة عقوبات بالسجن بسبب عمليات سطو وجرائم أخرى وكان آخر مرة غادر فيها السجن في أواخر عام 2015م.

إلا أن صامويل اختار التركيز على الجانب السلبي في القضية وراح يغوص في الإحصائيات ليؤكد بها أن ستراسبورغ تشهد انتشارا وصفه بالمقلق للتطرف الإسلامي، وربما لو بحثنا عن كل الإحصائيات المرتبطة والتي تمس المنتمين للأديان الأخرى لوجدنا تشابهًا كبيرًا وحصلنا نتائج متقاربة ما يؤكد أن التطرف ليس له أي دين.

كان على صامويل أن يلتفت إلى أسباب التورط في الإرهاب ليقدم علاجًا نافعًا ويدعو إلى العدالة الاجتماعية بدلا من هذا الإلحاح على فكرة ربط التطرف بالإسلام، حيث تظهر الإحصائيات أيضًا أن أغلبية “المتطرفين” في ستراسبورغ هم شباب من الضواحي التي يقيم فيها المهاجرون ويتعرضون للتهميش لأسباب عنصرية رغم ما هو معروف عن المدينة من ثراء.

هناك نهج واضح يؤكد وجود انحياز ضد الإسلام ورغبة في نشر وتوزيع الاتهامات هنا وهناك، خصوصا بعد الحادثة الإرهابية في مدينة ستراسبورغ الفرنسية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .