+A
A-

الكشف النقاب عن أعمال عبدالقادر الريس

افتتحت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي  المعرض الفني الاستعادي الأول من نوعه عبدالقادر الريس: 50 عاماً من الفن، والذي يتضمن المعرض أعمال الفنان الإماراتي المشهور عبد القادر الريس من أواخر ستينيات القرن العشرين حتى يومنا هذا، مستعرضاً تطور مسيرته الفنية بدءاً من أولى لوحاته التشخيصية المبكرة وصولاً إلى سلسلته الأخيرة والشهيرة في فن الخط التجريدي.

يضم المعرض أكثر من 70 لوحة من أعمال الفنان، مقسمة إلى ستة أقسام هي اللوحات التشخيصية الأولى، الوطن، الأرض والسماء، الناس والزمن، انطباعيات وتجريديات، وحروفيات، التي تتيح لنا استكشاف المراحل الانتقالية والتحولات التي عاصرها الفنان.

وقال سعادة سيف سعيد غباش وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: "من خلال هذا المعرض الاستعادي الأول من نوعه نسعى إلى تسليط الضوء على الفنان عبد القادر الريس، أحد أهم رواد الفن التشكيلي في دولة الإمارات العربية المتحدة، بما يتماشى مع رؤية دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في تقديم كافة أساليب الدعم للمواهب الإماراتية وإبراز أعمالها محلياً وعالمياً. وبخاصة أنّ الريس يعد من أوائل الفنانين الإماراتيين، ونأمل من خلال هذا المعرض أن يستمتع جميع أفراد المجتمع المحلي باللوحات والأعمال الفنية التي ستمدهم بالشغف لاكتشاف كافة تفاصيل مسيرة عبدالقادر الريس، ويفتح بالتالي نافذة على مراحل تطور الفن في دولة الإمارات العربية المتحدة على مدار 50 عاماً. مع التركيز على مدى عمق وثراء الإبداع الفني في المشهد الثقافي الإماراتي".

ويهدف هذا المعرض الاستعادي إلى الجمع بين كافة المفاهيم والأساليب التي تميزت بها أعمال الريس على مدار خمسين عاما،ً والتي نادراً ما عهدناها سابقاً. حيث تناول عبد القادر الريس في لوحاته العلاقة المعقدة بين الإنسان والطبيعة بأسلوب فلسفي مميز، عبر تصوير السماء والأرض والبحر من خلال استخدام مجموعة غنية من الألوان محاولاً استكشاف خلق الله الطاهر النقي والبحث عن التوازن بين عناصر الطبيعة. كما تناول أيضاً الطبيعة المفاهيمية للخط العربي في سلسلة متواصلة تحت عنوان «حروفيات».  كما تتحدث أعماله الأخرى عن القضايا السياسية والاجتماعية في جميع أنحاء المنطقة العربية. كما ويوثق الفنان من خلال سلسلة أعماله التشخيصية المناظر الطبيعية التاريخية الحضرية في دولة الإمارات العربية المتحدة محاولاً الحفاظ على الهوية الثقافية والذاكرة الجماعية للدولة.

وسيرافق المعرض مجموعة من الرسومات والدراسات حول الشخصية البشرية والصحف والمجلات القديمة من الأرشيف الشخصي للفنانين التي تحكي عن أساليب الريس وممارساته المتنوعة.

يتناول القسم الأول من المعرض تحت عنوان "اللوحات التشخيصية الأولى" بدايات الفنان من أواخر الستينيات إلى أوائل السبعينيات والتي كان يشكل البورتريه جزءاً مهماً منها. حيث اعتاد الريس خلال التحاقه بالمرسم الحر في الكويت على رسم نفسه والأطفال المحيطين من حوله بالإضافة إلى الطبيعة الصامتة والبيئة المحلية. وتجلت آنذاك موهبته الفنية حيث تمكن من خلق أسلوب تشخيصي مميز، أشاد به الكثيرون مما دفعه إلى المشاركة في العديد من المسابقات ليحصد العديد من الجوائز.

يستكشف القسم الثاني "الوطن" مدى استحواذ المعالم الطبيعية الساحرة على تفكير الريس، متناولاً مشاهدات اﻟﻔﻨــﺎن ﻟﻬﻮﻳــﺔ اﻟﺪوﻟــﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴــﺔ، ﺣﻴــﺚ ﺳــﺎﻫﻤﺖ اﻟﺤﺪاﺛــﺔ واﻟﻌﻮﻟﻤــﺔ ﰲ ﺗﻐﻴﻴــﺮ اﻟﺒﻴﺌــﺎت اﻟﺤﻀﺮﻳــﺔ ﻣــﻦ ﺣﻮﻟــﻪ. ثم بدأ باستخدام أساليب أكثر إشراقاً إلى جانب تصويره لفن العمارة. كما أصبحت بيئة دولة الإمارات العربية المتحدة مصدر إلهام له خلال هذه الفترة الهامة. فاستخدم الريس في لوحاته الهوية التراثية لفنون العمارة التقليدية كالبراجيل وقوارب الداو التي أصبحت بمثابة نافذة تطل على الماضي، وتؤيد فكرة الحفاظ على التراث الثقافي الإماراتي.

وينفرد القسم الثالث "الأرض والسماء" ﺑﻌــﺮض اﻟﻤﻨﺎﻇــﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴــﺔ والبيئية ﻟﺪوﻟــﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ اﻟﻤﺘﺤــﺪة،  وﺗﺘﻤﻴــﺰ ﺑﻠﻮﺣــﺎت ﻛﺒﻴــﺮة زاﺧــﺮة ﺑﺄﻟــﻮان اﻟﻄﺒﻴﻌــﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴــﺔ وروﺣﻬــﺎ سعياً إلى اكتشاف الطمأنينة والسلام الداخلي. حيث اهتم عبدالقادر الريس في أعماله برسم الجبال والصحارى الرملية والواحات والنباتات والبحر والسماء بعيداً عن البنايات الشاهقة الارتفاع.

وفي القسم الرابع "الناس والزمن" نستكشف كيف استخدم عبدالقادر الريس الرسم كوسيلة للتعبير عن ما يمر به العالم العربي من أزمات. وقد تناول هذه اﻟﻤﻮاﻗــﻒ واﻷﺣــﺪاث ﺑﺎﺳــﺘﺨﺪام اﻷﺳــﺎﻟﻴﺐ اﻟﺴــﺮﻳﺎﻟﻴﺔ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳــﺔ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳــﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗﺘﻴــﺢ ﻟــﻪ اﻟﺘﻌﺒﻴــﺮ ﻋــﻦ اﻟﺸــﻌﻮر ﺑﺎﻟﺤﺎﺟــﺔ اﻟﻤﻠﺤــﺔ واﻻﺗﺼــﺎل اﻟﻮﺛﻴــﻖ ﺑﺎﻟﻨــﺎس ﰲ اﻟﻌﺎﻟــﻢ اﻟﻌﺮﺑــﻲ.

وتعد سلسلة أعمال القسم الخامس "انطباعيات وتجريديات" مثالاً على افتتان عبدالقادر الريس الدائم بالعمارة التقليدية في منطقة الخليج العربي واتجاهه نحو التجريدية، حيث ﻳﺪﻣــﺞ اﻟﺮﻳــﺲ ﺑﻴــﻦ اﻷﺷــﻜﺎل اﻟﺘﺸــﺨﻴﺼﻴﺔ واﻟﺘﺠﺮﻳﺪﻳــﺔ، وﻳﺠﻤــﻊ ﺑﻴــﻦ اﻷﺷــﻜﺎل واﻷﻧﻤــﺎط اﻟﻤﻤﻴــﺰة اﻟﻤﺴــﺘﻮﺣﺎة ﻣــﻦ اﻟﻤﻨﺎﻇــﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴــﺔ واﻟﻬﻨﺪﺳــﺔ اﻟﻤﻌﻤﺎرﻳــﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳــﺔ ﰲ ﻣﺠــﺎل ﻣﻠــﻲء ﺑﺎﻷﻟــﻮان اﻻﻧﻄﺒﺎﻋﻴــﺔ. ويشير عنصر المربع في لوحاته إلى العمارة التقليدية وإلى "النقطة" في حروف اللغة العربية، حيث تعمل الأشكال المربعة كأداة تعزز الدور المتغير للضوء والظل.

وأخيراً ، القسم السادس "حروفيات" الذي يتجلى فيه إدخال الفنان عبد القادر الريس الخط العربي في أعماله التجريدية، حيث انتهج هذا الأسلوب للتعبير عن هويته العربية والثقافية بطريقة مجردة غير موضوعية ﻻﺳﺘﻜﺸــﺎف ﺗﻔﺴــﻴﺮات اﻟﺨــﻂ اﻟﻌﺮﺑــﻲ. واختار حرف "الواو" في لوحاته المائية لأنه الحرف الوحيد الذي يشكل كلمة أيضاً. كما وﻳﺒﺤــﺚ ﻣــﻦ ﺧــﻼل ﻫــﺬا اﻟﻘﺴــﻢ ﰲ اﻻﺣﺘﻤــﺎﻻت اﻟﺸــﻜﻠﻴﺔ واﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴــﺔ ﻟﺤــﺮوف اﻟﻠﻐــﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ، وﺑﺎﻷﺧــﺺ ﺣــﺮﰲ اﻟﻬــﺎء واﻟــﻮاو.

وفي ختام المعرض، سيحظى الزوار بفرصة للقيام برحلة آسرة تتضمن تجربة مشاركة تنفيذ عمل للفنان بمنظور جديد، حيث سيتمكن الجمهور المشارك من رسم إحدى لوحاته رقمياً.

وﻟــﺪ الفنان عبد القادر اﻟﺮﻳــﺲ ﻋــﺎم 1951، وﻳﻌــﺪ أﺣــﺪ أﺷــﻬﺮ اﻟﻔﻨﺎﻧﻴــﻦ اﻹﻣﺎراﺗﻴﻴــﻦ ﰲ اﻟﻮﻗــﺖ الحالي، وأﻛﺜﺮﻫــﻢ ﺗﺄﺛﻴــﺮاً ﺣﻴــﺚ ﺗﻤﺘــﺪ أﻋﻤﺎﻟــﻪ ﻣﻨــﺬ أواﺧــﺮ ﺳــﺘﻴﻨﻴﺎت اﻟﻘــﺮن اﻟﻌﺸــﺮﻳﻦ وﺣﺘــﻰ وﻗﺘﻨــﺎ اﻟﺤﺎﻟــﻲ. وﻗــﺪ ﻛﺎﻧــﺖ ﻟــﻪ اﻟﺮﻳــﺎدة ﰲ ﺗﺸــﻜﻴﻞ ﻟﻐــﺔ اﻟﺮﺳــﻢ ﰲ دوﻟــﺔ اﻹﻣــﺎرات اﻟﻌﺮﺑﻴــﺔ اﻟﻤﺘﺤــﺪة. ﻛﻤــﺎ اﺳــﺘﺨﺪم ﰲ أﻋﻤﺎﻟــﻪ اﻟﻘﺎﺋﻤــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﺘﻌﻠــﻢ اﻟﺬاﺗــﻲ اﻷﻟــﻮان اﻟﺰﻳﺘﻴــﺔ وأﻟــﻮان اﻷﻛﺮﻳﻠﻴــﻚ واﻷﻟــﻮان اﻟﻤﺎﺋﻴــﺔ. وتنتشر أﻋﻤﺎﻟــﻪ ﰲ اﻟﻤﻨــﺎزل واﻟﻤﺆﺳﺴــﺎت واﻟﻤﺠﻤﻮﻋــﺎت اﻟﻔﻨﻴــﺔ اﻟﺮﺳــﻤﻴﺔ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓــﺔ إﻟــﻰ اﻟﻤﻜﺎﺗــﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴــﺔ واﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻟﺮﺋﻴﺴــﻴة في مختلف أرجاء الدولة.

اﻟﻤﻌــﺮض ﻣــﻦ ﺗﻨﻈﻴــﻢ داﺋــﺮة اﻟﺜﻘﺎﻓــﺔ واﻟﺴــﻴﺎﺣﺔ – أﺑﻮﻇﺒــﻲ. أﺷــﺮف ﻋﻠــﻰ اﻟﺘﻘﻴﻴــﻢ اﻟﻔﻨــﻲ ﻛﻞ ﻣــﻦ ﻣﻴﺴــﺎء القاسمي مدير أول ﻣﺸــﺮوع ﺟﻮﺟﻨﻬﺎﻳــﻢ أﺑﻮﻇﺒــﻲ، وﺳــﺎرة ﺑــﻦ ﺻﻔــﻮان، ﻗﻴّمة مساعدة في ﺟﻮﺟﻨﻬﺎﻳــﻢ أﺑﻮﻇﺒــﻲ، داﺋــﺮة اﻟﺜﻘﺎﻓــﺔ واﻟﺴــﻴﺎﺣﺔ – أﺑﻮﻇﺒــﻲ.

ويستمر المعرض من 20 ديسمبر لغاية 23 مارس 2019، على أن يفتتح أبوابه أمام الجمهور يومياً من الساعة 9 صباحاً ولغاية 8 مساءً في منارة السعديات في جزيرة السعديات.