العدد 3709
الإثنين 10 ديسمبر 2018
banner
التعليم إلى أين؟
الإثنين 10 ديسمبر 2018

قبل أيام شاهدت فيلما تعليميا لم يستغرق سوى بضع دقائق يتحدث عن واحدة من أهم القضايا التربوية ألا وهي الفترة الزمنية التي يصغي خلالها الطالب لشرح المعلم، والذي أسفرت عنه الدراسة لم يكن متوقعا فالوقت كان خمس دقائق فقط، وبعدها ينصرف ذهن الطالب إلى التفكير في أمور خارجية أخرى، من هنا فإنّ السؤال الذي يشغل خبراء التربية اليوم هو كيف ننتقل بتعليمنا من حالته الراهنة التي توصف بـ “التقليدية” إلى التعليم الإبداعي.

كان التعليم التقليدي يعتمد أسلوب التلقين وهو كما يدرك كثيرون لا جدوى منه، رغم الجهد المضني الذي يبذله المعلمون طوال اليوم الدراسي، التربويون يقرون أنه أسلوب عقيم وعفى عليه الزمن، لذا فإنّ التوجهات الحديثة في التربية أخذت بتنويع الأساليب وأكدت فاعليتها بتحقيق نسبة استيعاب تتجاوز الـ 90 %.

لابد من التوقف أمام التجربة الفنلندية في التعليم بوصفها أفضل التجارب على الإطلاق، ولعل الباحثين يتساءلون ما الذي جعل فنلندا تتبوأ هذه المكانة في التعليم وكيف انتقلت من دولة متخلفة إلى مصاف الأمم الأكثر تقدماً؟ والإجابة باختصار أنها وضعت المعلم في المكان اللائق به وفي ذات الوقت اشترطت على الراغبين في الالتحاق بسلك التربية والتعليم التمتع بالكفاءة أولا، كما تم التأكيد على توفر عنصر الرغبة لمن يود ممارسة التعليم، إضافة إلى توفر المعيار الأكاديمي بحيث لا يقل مؤهل من يشغل وظيفة معلم عن شهادة الماجستير أو الدكتوراه.

وعند الحديث عن التعليم في فنلندا لا تفوتنا الإشارة إلى أنّ الزمن المدرسي اليومي تم تحديده بأربع ساعات يوميا فقط، ربما يتبادر إلى الأذهان سؤال هل أنّ هذه الساعات الأربع كافية للتحصيل العلمي؟ التجربة برهنت هناك أنها تؤدي الغرض، وعلى النقيض مما يجري في جميع المدارس في بلداننا العربية فإن المعلمين هناك لا يرهقون طلابهم بالواجبات المنزلية، فالملاحظ لدينا أنّ الواجب يستنزف طاقة وجهد الطالب بحيث لا يتبقى له سوى القليل من الوقت وهو غير كاف لممارسة هواياته وبالتالي فإنّ هذا يعرضه إلى الإجهاد النفسي والجسماني ويحرمه من متابعة الدروس.

بقي أن نشير إلى أنّ نسخ التجربة الفنلندية برمتها أمر غير ممكن لاختلاف البيئة بين دولنا وفنلندا، لكنها بالتأكيد تنطوي على إيجابيات عديدة لابدّ من الأخذ بها للارتقاء بالعملية التعليمية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .