+A
A-

التضخم يفرغ جيوب السودانيين والحكومة تعول على خطة إنقاذ

تسببت أزمة الصرف التي تشهدها السودان في قفزة غير مسبوقة في أسعار جميع السلع والخدمات والتي انعكست على معدلات التضخم التي سجلت مستويات قياسية وتاريخية.

وخلال الفترة الماضية، أعلن الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، ارتفاع معدل التضخم إلى 66.82% خلال شهر أغسطس مقارنة بنحو 63.94% في شهر يوليو.

وأوضح الجهاز أن أعلى معدل تضخم سجلته ولاية البحر الأحمر عند مستوى 97.84%، وأدنى انخفاض سجلته ولاية جنوب كردفان 42.48%. بينما سجل في ولاية الخرطوم نحو 55.20%.

وذكرت دراسة حديثة أعدها مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، أن السودان يواجه مأزقًا اقتصاديًا حادًا مع ارتفاع معدل التضخم لمستويات غير مسبوقة في الأشهر الماضية، ما تسبب في أزمة سيولة حادة لدى البنوك نتيجة شح أوراق للنقد في الجهاز المصرفي، وهو ما تزامن مع التدهور المستمر لقيمة الجنيه مقابل الدولار في الفترة الماضية.

وأرجعت الدراسة هذه الأزمة إلى تدهور عائدات صادرات البلاد من النفط منذ انفصال الجنوب في عام 2011، في الوقت الذي لم تستطع فيه الموارد الأخرى مثل الذهب، سد العجز التجاري المتزايد.

وتشير معدلات التضخم الحالية إلى أن المستهلكين يواجهون ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والخدمات في السوق. وبالتوازي مع ذلك، ارتفع الطلب المحلي على نقود البنكنوت بشكل عجز معه الجهاز المصرفي عن تلبية هذا الطلب، على نحو تسبب في أزمة سيولة حادة بالبنوك في الأسابيع الماضية.

وتزامنت التطورات السابقة مع تدهور سعر الصرف، حيث اتسعت الفجوة بين سعر العملة المحلية في السوقين الرسمي والموازي بشكل كبير اضطر معه البنك المركزي إلى تخفيض قيمة الجنيه إلى 47.5 جنيه للدولار مؤخرًا، وذلك بعد إنشاء آلية جديدة مستقلة من خارج الحكومة لتحديد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية تتكون من عدد من مدراء المصارف وأصحاب محال الصرافة وخبراء اقتصاد.

وتلفت الدراسة إلى عدم تحسن الأوضاع بعد رفع جزء من العقوبات الأمريكية على السودان في أكتوبر 2017، حيث ظلت مستويات النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية دون المأمول خاصة في ظل تباطؤ الجهود المبذولة لإصلاح مناخ الاستثمار وتحسين السياسات النقدية والمالية في البلاد.

ويعود نقص العملات الصعبة إلى التراجع الشديد في الصادرات النفطية جراء انفصال جنوب السودان منذ عام 2011، حيث لم تحقق المساعي التي بذلت لتنمية موارد النقد الأجنبي من مصادر أخرى، مثل الذهب، لتعويض هذه الفجوة نتائج بارزة، وهو ما تكشفه العائدات المحدودة من الذهب بتصدير 100 طن بقيمة 400 مليون دولار في العام الماضي.

فضلاً عن تباطؤ تدفقات الاستثمار الأجنبي للبلاد في السنوات الماضية. ولذلك تزايد العجز المالي للموازنة في الأعوام الماضية ليبلغ ذروته في العام الماضي بنسبة 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن يتزايد إلى 2.1% في عام 2018، بسبب نقص الإيرادات الحكومية، التي كان النفط يشكل الجزء الأكبر منها.

واستمر الميزان التجاري في تحقيق عجز خلال الأعوام الماضية بلغ نحو 3.2 مليار دولار في عام 2017، ولكنه أقل من 4.2 مليار دولار في عام 2016. وفي ظل هذا العجز، تآكلت الاحتياطيات النقدية ووصلت إلى أدنى مستوى لها في عام 2016 بقيمة 875 مليون دولار، (أي تكفي لتغطية حوالي 1.4 شهر من الواردات).

وبطبيعة الحال، لم يكن هناك مفر أمام السلطات لمواجهة الأوضاع السابقة سوى السماح للجنيه بالانخفاض أمام الدولار نحو أربع مرات منذ عام 2016 وحتى الآن ليصل من 8 جنيهات مقابل الدولار إلى 47.5 مقابل الدولار.

وأشارت الدراسة إلى جهود الحكومة التي تبنت برنامجاً إصلاحياً يمتد لنحو 15 شهراً ويتضمن استمرار ترشيد النفقات الحكومية وإلغاء جميع الإعفاءات الضريبية لسد العجز المتزايد للموازنة العامة. كما تم طرح ورقة نقدية جديدة فئة 100 جنيه لتلبية الطلب المحلي على النقود في إطار مواجهة المعدلات المرتفعة للتضخم.