العدد 3690
الأربعاء 21 نوفمبر 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
لنا في عقارب الساعة... عِبْرة!
الأربعاء 21 نوفمبر 2018

هل سمعتم يومًا أن عقارب الساعة توقفت عن دورانها، أو أنها ارتدّت، أو بدّلت حركتها، فأصبحت تتجه من اليسار إلى اليمين! هل فكرتم في هذه الساعة التي لا تنفك تدق دقاتٍ متتالية، متتابعة، منتظمة في سيرها، نحو الأمام، وكيف أنها لا تجمُد لحظة أو ثانية، وأنها لا تنتظر أيَّ أحدٍ منا؛ تأخر عن موعده أو تقدّم!

هذه الساعة/ الجماد، التي نفخ فيها الإنسان الروح، ببطارية بسيطة، تعمل دون كلل أو ملل! تتراقص عقاربها في تناغم مع حركة الكون؛ المليئة بالحياة؛ والضاجّة بشغف وحماس نحو المستقبل؛ هذا الذي يتحول بين الثانية والأخرى إلى ماضٍ في طرفة عين!

تُعبر الساعة عن وقت يمضي في عجل، ليس وقت الساعة نفسها، بل وقتنا نحن؛ أعمارنا، حياة كل واحد منا، ذكرياته، وحاضره، ومستقبله، وما بين الأزمان الثلاثة، نقضي أيام الطفولة، فالشباب؛ فالكهولة؛ ثم تتوقف ساعتنا البيولوجية؛ فنغادر هذا العالم! وما بين هذا وذاك؛ لا تتوقف الساعة؛ لا حين نصرخ خارجين من أرحام أمهاتنا، ولا حين يتوسدنا رحم الأرض!

أفلا نتعلم من هذه الساعة؛ كيف نُلاحق عقاربها؟ وكيف نُلامس أوقاتها ونحن فخورون بما مرّ منها؟! لماذا نسمح لعقاربها بالمرور على غفلة منا، ونحن نتفرج عليها! دون أن نبذل عملًا مفيدًا، أو إنجازًا، أو جهدًا؛ يترك فينا لذة الانتصار على هذا الوقت! كم مرة بعد أخرى انتصر علينا، ونحن من فرط جهالتنا نتضاحك، وعَلامَ!؟ على ما ضاع منه هدْرا، وتبذيرًا!؟

لعقارب الساعة لغة؛ تقول لنا إننا نعيش في عالم زمانيّ؛ عالم فسيح، ممتد نحو المجهول؛ فنحن نُقدِّر القيامة بآخر الساعة، أو العكس؛ وهما يمثلان – حسب منظورنا – آخر عقرب يتحرك؛ حيث يصمت الزمان تمامًا، ولكن! وعلى الرغم من معرفتنا؛ فإننا لا نتعلم الحكمة من وراء هذه اللغة؛ فنحن مشغولون حتى أخمص أقدامنا بلعبة تضييع الوقت؛ حتى يستعصي علينا تقدير ما هدرنا منه من ساعات!

لا ينجح الفرد، ولا المجتمع الذي يرى في الساعة؛ مواعيد يومية، وكفى! الساعة نظام تخطيط وعمل، الساعة إنذار لك بألّا تهمل أيام حياتك؛ دون فائدة! الساعة هي أبسط ترجمة أو تفسير أو علامة للزمن المتسارع؛ اخترعها أصحابها؛ لنقدِّر تحولات اليوم والشهر والسنة؛ فنبدع فيها، ونطوِّر، ونُغيِّر، فلا يتساوى أمسنا بيومنا، بيوم غد!

الساعة تعلمنا أن نمضي في ثبات نحو الأمام؛ لنسير سير الواثقين، المتوكلين، الذين لا يتوقفون عن المضي قُدُمًا، والذين يتطلعون نحو قادم الأيام في تفاؤل وبِشْر.. لنا في الساعة عِبْرة!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .