العدد 3684
الخميس 15 نوفمبر 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
نزيف الأدمغة
الخميس 15 نوفمبر 2018

نظمت وزارة العمل ندوة لـ 31 باحثا عن العمل من أطباء وفنيين وممرضين بحرينيين لتأهيلهم للعمل. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، والندوات مهمة ويشكر عليها، ولكن الأهم هو بعد كل ذلك وجود سترة النجاة لهؤلاء العاطلين وتوظيفهم، وهو ما يعزز الرؤية التي طالما تم طرحها في الصحافة من حل البطالة، أن هناك عاطلين في مجالات كثيرة، ومنها أطباء بحرينيون مازالوا يحفرون في الجدار بحثا عن فرصة تعد ذهبية في سوق العمل حيث يكثر الباحثون، ويقل الحاصلون على العمل.

إن وجود أطباء عاطلين عن العمل، وليس فقط باحثين يعطي مؤشرا عن حالات التكدس في البيوت والمحشورين في ذاكرة النسيان.

تتكاثر المستشفيات الحكومية والخاصة، والمهم في ذلك هو ليس فقط تطعيمها بنكهة الأطباء البحرينيين بقدر ما يتحولون إلى أساس في هذه المواقع، ويبقى ما زاد يكون للأجانب إلا إذا كان وجودهم ضرورة ملحة.

السؤال الذي يفرض وجوده هو متى يتحول واقع البحريني إلى ظاهرة توظيفية أولوية لا تحتاج إلى إلحاح، ولا إلى تركيز بحيث تصبح أولوية ضمن سياسة كل قطاع؟ إن وجود أطباء ومهندسين ومحامين في طوابير الانتظار، ولسنين يعكس ضعفا إداريا، ويسبب خيبة أمل، فأصحاب الشهادات العليا لا يحتاجون إلى مصباح علاء الدين لتوظيفهم، خصوصا ان توصيات القيادة والحكومة دائما وأبداً تدعو الوزراء إلى وضع البحريني على سلم أولويات كل وزارة، ولعل المشكلة الكبرى في الوزارات هي البيروقراطية، وشياع ظاهرة المحسوبية، والمزاج العائلي الحاكم في ظل أروقتها حتى باتت بعض الوزارات تكثر فيها العائلة الواحدة ليس فقط في التوظيف، بل حتى في إرساء المناقصات، وهذا الأمر لا يحتاج إلى عبقرية لاكتشافه، فبمجرد أن تقرأ الكشوفات حتى تصدم بحجم التقارب النسبي للموظفين أو الأصدقاء “الشلة” لمسؤول هنا أو هناك، علما انه يوجد كفاءات قابعة في البيوت، وتمتلك مهارات عالية، وخبرة كافية بإمكانها لو استغلت لقدمت إبداعا في ذات الوزارة، والدليل عدد البحرينيين الذين يتناثرون في الخليج وأوروبا ويشغلون وظائف عليا في العالم مما أطلقت عليه الأم المتحدة بـ”هجرة العقول”أو “نزيف الأدمغة”.

بعض زملائي في الدراسة يشغلون مناصب عليا في اكبر مستشفيات العالم، وواحد منهم في افضل مستشفى في أميركا. وظيفة أي وزير ليس فقط اصطياد الأطباء المبدعين في البحرين، بل رمي الشباك حول العالم لاصطياد هوامير الأطباء البحرينيين الذين اصبحوا استشاريين في الخارج. لست هنا في مقام كتابة مسلسل درامي، وإنما احكي عن واقع يمكن تحويله الى سياسة تمكين، واقتناص، لتعود كل الطيور المهاجرة من أطباء ومهندسين وفنانين ومذيعين هاجروا من أعشاشهم ليستقروا في دول الخليج منذ سنوات طوال وأملهم بالعودة إلى حضن الوطن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .