+A
A-

وزيرة الصحة: إنجازات وتطلعات للخدمات الصحية

 

حوار خاص مع سعادة وزيرة الصحة حول الإنجازات والتطلعات المستقبلية للخدمات الصحية نحو تحقيق الرؤية الاقتصادية 2030.

1. فازت وزارة الصحة بجائزة أفضل الممارسات الحكومية عن مشروع تطبيق الكشف المبكر للأمراض المزمنة غير السارية في الملتقى الحكومي عام 2017، كيف حققتم هذا الإنجاز، وما هو مستقبله، خاصة في هذا العام والأعوام التالية؟
بداية، نود الإفادة بأن فوز وزارة الصحة بجائزة أفضل الممارسات الحكومية عن مشروع تطبيق الكشف المبكر للأمراض المزمنة غير السارية في الملتقى الحكومي عام 2017، جاءت تنفيذاً للرؤية الاقتصادية 2030 التي أكدت على جودة الخدمات الصحية لتحقيق المزيد من الانتاجية لدى المواطنين البحرينيين، فالكل يعلم، بأنه كلما تحسنت الصحة والعافية زادت الإنتاجية والتي تؤثر بالتأكيد على اقتصاد المملكة وعجلة الانتاج والنمو، وبالتالي فإن الكشف المبكر للأمراض المزمنة مثل أمراض السكر والضغط والقلب والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي يحد من انتشار هذه الأمراض وعوامل الاختطار المرتبطة بها، وتؤدي إلى سير عجلة التنمية بكل كفاءة واقتدار من خلال وجود مواطنين أصحاء فاعلين ونشطين.
ولقد تحقق هذا الإنجاز من خلال عدة اعمال قامت بها مملكة البحرين نذكر منها على سبيل المثال: تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الامراض المزمنة غير السارية، وتضم معظم القطاعات المعنية والتي قامت بوضع الخطة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية، والعمل على التصدي لها بما يكفل توفير العلاج اللازم وإيجاد برامج مدروسة للوقاية من مخاطرها وتوعية المجتمع لخفض معدلات الإصابة بها، وذلك التزاماً من مملكة البحرين بتنفيذ الاعلان السياسي العالمي لمكافحة الامراض غير السارية، بعد المشاركة في الاجتماعات رفيعة المستوى التي عقدت بخصوص مكافحتها في الأمم المتحدة العام 2011 و 2014 وآخرها في العام الحالي 2018. بالإضافة إلى تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة التدخين والتبغ التي وضعت بدورها خطة لمكافحة التدخين وإنشاء عيادات خاصة في المراكز الصحية للإقلاع عن التدخين الذي يعتبر المسبب الأساسي في بعض أمراض السرطان مثل سرطان الرئة.
وليس هذا فحسب، بل أن مملكة البحرين تميزت بوجود عيادات متنوعة في المراكز الصحية الحكومية للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة ومكافحتها من خلال توفير العلاج المبكر لها، والقيام بحملات توعية صحية بشأن النظام الغذائي والنشاط البدني والتشجيع على الممارسات الصحية الجيدة.
وفيما يخص التطلعات المستقبلية لاستدامة هذا الانجاز، فلقد قامت وزارة الصحة بالشراكة مع هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية بإنجاز المسح الصحي الوطني لعام 2018، والتي ستظهر نتائجه نهاية هذا العام، وستعمل الوزارة من خلال هذه النتائج على تطوير برامجها الرامية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية، حيث أن جميع الخطط والبرامج المقدمة من أجل الوقاية من الأمراض هي محل اهتمام ومتابعة الحكومة ، كما سيكون لطبيب العائلة في الرعاية الصحية الأولية من خلال برنامج (اختر طبيب) في إطار التسيير الذاتي للمراكز الصحية تحت مظلة الضمان الصحي دور أكبر في برنامج الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة.
وستستمر الوزارة في العمل على التعاون والتواصل مع كافة المنظمات على الصعيدين الإقليمي والدولي وذلك للوقوف على آخر المستجدات الخاصة بالأمراض المزمنة وطرق مكافحتها، وسوف ندعم هذه البرامج التي لها دور كبير في دفع عجلة برامج التنمية، والتركيز عليها من خلال المشاركة في نجاح أهدافها من خلال الالتزام بطرق المحافظة على الصحة والوقاية وتجنب عوامل الإختطار، وضرورة تكاتف جميع الجهات لمكافحة الأمراض، والتي تعد بمثابة تحدٍ إنمائي، ومسئولية يجب أن تشارك للوقاية منها جميع القطاعات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وكذلك أفراد المجتمع بكافة فئاته، للتعامل مع الأمراض غير السارية.
2. خلال الأيام القليلة المقبلة ستشارك الوزارة في العديد من الفعاليات والحملات، منها الاحتفال باليوم العالمي للسكري، في منتصف الشهر الجاري، هل لكم أن تطلعونا على آخر مستجدات هذه الفعاليات، وكيف تسهم في تعزيز استراتيجية الوزارة؟
دأبت وزارة الصحة على تنظيم الفعاليات والحملات بهدف التوعية الصحية من أجل نشر المفاهيم والمعارف الصحية السليمة في المجتمع، وتمكين الناس من تحديد مشاكلهم الصحية واحتياجاتهم، إلى جانب مساعدة الناس في بناء الاتجاهات الصحية السوية، وترسيخ السلوك الصحي السليم، ولله الحمد نجد تفاعل كبير من المجتمع البحريني.
وخلال الأسبوع القادم يوم "الخمي" 15 نوفمبر 2018م  تُنظم اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية بالتعاون مع جمعية السكري البحرينية، وتحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للصحة احتفالاً بمناسبة اليوم العالمي للسكري تحت شعار "السكري يهُم كُل عائلة"، وذلك في مجمع الأفنيوز بحضور عدد من الأطباء والمختصين والعديد من الجهات المعنية بمرض السكري. ويهدف هذا الاحتفال إلى توعية المجتمع والجمهور بمرض السكري ومضاعفاته وكيفية التعايش معه، وعرض المستجدات المتعلقة بالمرض من جميع جوانبه، وسيصاحب الاحتفال تنظيم معرض بالإضافة إلى إجراء تمارين إحماء وماراثون للمشي.
إضافة إلى ذلك وانطلاقا من مبدأ الشراكة المجتمعية ودور المبادرات التطوعية في دعم ومساندة ما تقدمه الوزارة من خدمات صحية وعلاجية، نفذت وزارة الصحة عددا من الحملات التطوعية للتوعية بمرض سرطان الأطفال وسرطان الثدي، بهدف نشر الوعي بهذا المرض لدى مختلف شرائح المجتمع في مملكة البحرين.
3. تعمل الوزارة بجهد دؤوب لتعزيز الصحة العامة سواء لدى المواطنين أو المقيمين على السواء، إلى أين وصل برنامج المسح الصحي الوطني، وأبرز المستجدات الذي شهده برنامج النظام الوطني للمعلومات الصحية، خاصة أن البرنامجين يعتبران من أهم استراتيجيات عمل الوزارة في الفترة الحالية، وما هو حجم التنسيق القائم بينكم وبين أجهزة الدولة المختلفة في هذا الصدد؟
ذكرنا مسبقاً بأن وزارة الصحة بالشراكة مع هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية أنجزت المسح الصحي الوطني لعام 2018، وهو مسح معتمد دولياً من قبل منظمة الصحة العالمية، ويأتي هذا المسح في سياق  برنامج عمل الحكومة والخطة الوطنية للصحة 2016 - 2025، كونه سيسهم في تعزيز نظام المعلومات الصحية وتحديد الأولويات الصحية للمملكة بالإضافة إلى توفير قاعدة بيانات حديثه ومتطورة وشاملة عن الحالة الصحية للسكان لمساعدة صناع القرار على إدارة ورصد وتقيم النظام الصحي، ومن ثم تحقيق وتطوير الخدمات الصحية بشكل أكبر. وقد استهدفت عينة المسح 4 آلاف أسرة بحرينية وغير بحرينية والأسر الجماعية في كافة محافظات المملكة، كما شارك فيه ما يقارب 40 باحثاً ومشرفاً ميدانياً من وزارة الصحة. وأجمالي عينة المسح الصحي الوطني بلغت 3407، بما يعادل تقريباً 85% من العينة المستهدفة، وهذه نسبة عالية جداً حسب المعايير الدولية، وتم جمع كافة بيانات عينة المسح، ويجري الآن تحليل هذه البيانات وصياغة التقرير النهائي.
وفيما يخص برنامج النظام الوطني للمعلومات الصحية نود أن نشير هنا إلى أن هذا المشروع الوطني يوفر نظاماً وطنياً صحياً إلكترونياً يحقق ما تسعى إليه الحكومة الموقرة في استراتيجيتها لتطبيق منظومة صحية إلكترونية وطنية على مستوى مملكة البحرين، ويعمل المجلس الأعلى للصحة حالياً لاستكمال هذا النظام في إطار الضمان الصحي. وهناك تنسيق مستمر ما بين الوزارة والمجلس في هذا الشأن، وبخاصة أن نظام المعلومات الصحية (I-Seha) المطبق حالياً بمختلف مرافق الوزارة يُعد أحد الركائز الرئيسية لتطبيق النظام الوطني للمعلومات الصحية.
4. لمؤسسات المجتمع المدني المختصة بالعمل الاجتماعي عموماً دورها الذي لا ينكر في دعم الموارد والمقومات الصحية التي تتمتع بها المملكة، سيما لجهة مكافحة الأمراض والسبل المناسبة للحد من تداعياتها، خاصة أنها تعد سبباً من الأسباب في ضعف الإنتاجية وهدر الموارد في ذات الوقت، كيف ترون سعادتكم هذا الدور؟ 
تشجع وزارة الصحة العمل الاجتماعي والتنموي التطوعي، ومدت جسورا وثيقة بين عدد من القطاعات بمملكة البحرين، حيث باتت هذه الشراكة من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في وقتنا الحالي، وتوجد مساهمات نبيلة وأيادي بيضاء من عائلات كريمة من البحرين ساهمت بتطوير الخدمات الصحية سواء من خلال الدعم المالي أو بناء المرافق والمشاريع الإنشائية، وأصبحت بصماتهم واضحة في القطاع الصحي بالبحرين. إلى جانب ذلك تقوم مؤسسات القطاع الخاص الأخرى بمشاركة الوزارة بخططها لدعم البرامج التنموية التي تنطلق من استراتيجية الوزارة وتتسق مع التوجهات وبرامج عمل الحكومة. ولا ننسى هنا دور منظمات المجتمع المدني البحرينية وبخاصة المتخصصة منها في المجال الصحي مثل جمعية الأطباء وجمعية السكري وجمعية مرضى السرطان وجمعية مكافحة التدخين وغيرها من الجمعيات الفاعلة والنشطة والهادفة إلى تعزيز صحة الجميع من خلال ما تقدمه من مبادرات توعوية، وحتى الدعم المادي والمعنوي الذي يقدم لصالح المرضى بمختلف أنواع مرضهم. ولقد سعت الوزارة باحتضان هذه المبادرات وتشجيعها وإبراز دورها الفاعل في المجتمع، ونقدر ونثمن كل من يساهم معنا في تحقيق الأهداف المبتغاة لتوفير التغطية الصحية الشاملة للجميع ومن الجميع، كما نسعى مستقبلاً لاستقطاب عدد أكبر من الشركاء من أجل تطوير الخدمات الصحية ودعم برامج الوزارة.
5. كيف تقيمون سعادتكم اختيار وزارة الصحة مؤخرا لجائزة فريق العمل المشترك بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة، والتي أهديتموها لسمو رئيس الوزراء خلال لقائكم به قبل أسبوعين، سيما فيما يتعلق بجهود الحكومة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالسيطرة على الأمراض المزمنة غير المعدية؟
حقيقة عندما وصلنا خبر اختيار وزارة الصحة لجائزة فريق العمل المشترك بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة، كان فرحة وفخرا لجميع موظفي وزارة الصحة وأعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية، ولم تكن الوزارة لتحصل عليها إلا بجهود الجميع وبالدعم والتوجيه المستمر من لدن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظة الله، مما جعلنا نقدم لسموه هذه الجائزة عرفاناً وتقديراً لمتابعة سموه المستمرة لتطوير الخدمات الصحية وتوجيهاته لنا للالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبخاصة تلك المتعلقة بالصحة، وتحفيزه لنا للانطلاق للعالمية من خلال إبراز الإنجازات الواقعية التي تحققت عبر سنوات وما زالت والتي ستستمر أن شاء الله.
فهذه الجائزة جاءت نتيجة ثمرة جهود مخلصة من فريق العمل المعني بمكافحة الأمراض غير السارية بوزارة الصحة، وكفاءة الكوادر الصحية المتميزة من أبنائها في البحرين، وأعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية الذي كان لهم الدور الكبير في تحقيق هذا الإنجاز واستحقاق الوزارة بكل جدارة مركزاً متقدماً، لتكون أول دولة عربية تحصد مثل هذه الجائزة.
6. سعت المملكة حثيثاً من أجل أن تكون وجهة لما بات يعرف بالسياحة الطبية، هل لكم أن تطلعونا على أهم الخطط والبرامج والإمكانات التي تتمتع بها المملكة على هذا الصعيد، ومدى قدرتها على استيعاب هذا النوع من السواح؟
يعلم الجميع بأن تطوير القطاع السياحي في مملكة البحرين يعد من أولويات الرؤية الاقتصادية 2030، والسياحة الطبية ليست ببعيدة عن تلك الرؤية، حيث يعمل المجلس الأعلى للصحة على تحفيز القطاع الخاص والمستثمرين بتوفير البيئة الحاضنة لمشاريع السياحة الطبية، بخاصة مع توفر مقومات السياحة الطبية أو العلاجية، إذ يتميز قطاع الرعاية الصحية في مملكة البحرين إقليمياً ودولياً بالجودة العالية لخدمات الرعاية الصحية التي يوفرها نظراً لوجود الأطباء المؤهلين دولياً وذوي المستوى العالمي، ووجود المستشفيات المعتمدة المجهزة بأحدث الآلات والمعدات وأيضا هناك مشاريع مستقبلية يكون لها دور في جذب الوافدين من دول الخليج والدول العربية وحتى الأجنبية للبحرين للسياحة العلاجية والاستفادة من الخدمات الطبية المتميزة.
من هذا المنطلق، ونظراً لتوافر الإمكانيات الطبية المتميزة التي تمتلكها البحرين، فيمكن القول بأن موقع المملكة على خريطة السياحة العلاجية مؤهل لذلك، ولهذا أثر هام في دعم الاقتصاد الوطني وجذب المزيد من الاستثمارات. إضافة إلى إن التسهيلات المقدمة للحصول على الخدمات والاستفادة من الأنشطة والرخص المطلوبة تساعد على زيادة الاستثمارات الصحية.
7. نجحت الوزارة من خلال دعمها للمؤسسات والكوادر الطبية الوطنية في تنظيم واستضافة العديد من المؤتمرات المتخصصة، برأيكم ما هو حجم المساهمة التي يمكن أن تقدمها مثل هذه المؤتمرات في صقل معرفة العاملين في المجالات الطبية المختلفة بالمملكة، وتعزيز مشاركة البحرين وتواجدها في مثل هذه المحافل، فضلا عن دعم موقع البلاد على صعيد تنظيم واستقطاب الكوادر الطبية العالمية، والتعاون مع المؤسسات ذات العلاقة إقليميا ودوليا؟
تستضيف البحرين عددا كبيرا من المؤتمرات والندوات وورش العمل طوال العام مما أعطاها سمعة كبيرة على صعيد تنظيم المؤتمرات الطبية الدولية، وهي دلالة بارزة على ما تتمتع به المملكة من إمكانية لاستضافة هذا النوع من المؤتمرات، ويعزز من مكانة سياحة المؤتمرات في البحرين والتي هي سياسة تشجع عليها استراتيجيات المملكة. ومن خلال هذه الفعاليات يمكن تحقيق الاستفادة القصوى منها من قبل المختصين وذوي الخبرات في علاج المرضى، وتتيح الفرصة امام الاطباء البحرينيين للتدرب وتبادل الخبرات وتطوير الاداء الطبي مع الخبرات العالمية والاطلاع على التقنيات الحديثة. وقد أدى برنامج الطبيب الزائر إلى تحسين جودة الاداء الطبي بالتخصصات الطبية المختلفة من خلال تبادل الخبرات والتشاور حول احدث البروتوكولات والسياسات والاساليب العلاجية، ويعد البرنامج الذي تحرص وزارة الصحة على تنفيذه ، والذي يعتبر من البرامج التي حققت نجاحا باهرا على جميع المستويات بالصحة.
8. الرعاية الصحية الثانوية والأولية جزء من مفهوم الرعاية المجتمعية الشاملة التي تقدمها المملكة في المجال الطبي، هل ساعد هذا النهج المتبع في السيطرة على الأمراض وعلاج مضاعفاتها، وكيف يمكن مواجهة التحديات الناتجة عن ذلك؟
لدى مملكة البحرين نظام صحي متطور وشامل، وحقق النظام إشادات واسعة مؤخرا على المستوى الدولي، ومن ضمنها التغطية الصحية الشاملة، وبخاصة من خلال توافر المراكز والمؤسسات الصحية الحكومية في جميع أنحاء البحرين، والتي تقدم كافة خدماتها المتخصصة مجاناً.
كما أن مملكة البحرين تتبنى استراتيجية صحية متكاملة تهدف إلى التركيز على مكافحة الأراض المعدية وغير المعدية، ونستطيع القول بأن البحرين من الدول التي قضت على جميع الأمراض المعدية منذ زمن طويل مثل شلل الأطفال ، بفضل  تطوير الخدمات الصحية بشكل عام وتوفير التطعيمات اللازمة للجميع. كما تعمل الوزارة مع المراكز العالمية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، بهدف تبادل المعلومات والخبرات، ضمن إطار منظمة الصحة العالمية والشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات ومواجهتها، والتي تسعى إلى مواجهة الأوبئة ومكافحة انتشارها على مستوى العالم.
أما عن الأمراض المزمنة غير المعدية التي أشرنا لها في بداية الحديث، فلقد ساعد وجود برنامج الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة غير المعدية على تعزيز القدرات الذاتية لدى الفرد للعناية بصحته وتغيير سلوكياته غير الصحيحة، إضافة إلى السعي نحو السيطرة على الأمراض بشتى أنواعها من خلال توفير العلاجات المتقدمة والمتطورة في المجال الطبي التخصصي.
9. ستشرع المملكة في مطلع العام القادم في تطبيق نظام الضمان الصحي(صحتي)، والذي يوصف باعتباره من أهم خطوات دعم برامج الصحة الأولية في البحرين وفي مسيرة تطوير الخدمات الصحية عموما بالبلاد، إلى أين وصلت استعداداتكم للبدء في تنفيذ البرنامج، وكيف سيسهم في توفير منظومة صحية متكاملة وقادرة على استيعاب الاحتياجات الصحية المختلفة وبما يضمن الحفاظ على الموارد بشكل مستدام؟
يقوم المجلس الأعلى للصحة المشرف على الضمان الصحي بدور كبير في تنفيذ مراحل تطبيق الضمان الصحي، من خلال فرق عمل تمثل مختلف الجهات التي تعمل بجد واجتهاد للوصول إلى الهدف المنشود لتطبيق هذا النظام الجديد.
ونستطيع القول بأن المجلس بدأ فعلاً في الاستعداد لتطبيق هذا النظام بشكل مرحلي، خاصة بعد صدور قانون الضمان الصحي هذا العام الذي يُعد الأساس في تطبيق منظومة الضمان الصحي الوطني في مملكة البحرين من مختلف جوانبه خصوصاً ما يتعلق بتشكيل المؤسسات المندرجة ضمنه. وعند تطبيق الضمان الصحي سيحدث تغييراً جذرياً في النظام الصحي في المملكة، بحيث يخلق علاقة قائمة على طرفين هما: مشتري الخدمات الصحية ومقدم الخدمات الصحية، والعلاقة بينهما سترتكز على تحديد نوعية الأسعار وجودة الخدمة في هذا المجال بما يصب في صالح المريض.
ولا بد هنا أن نشير إلى أن من أهم المحاور الرئيسية التي يقوم عليها الضمان الصحي (صحتي) هي التسيير الذاتي لمقدمي الخدمات الصحية، وصندوق الضمان الصحي، وإعادة هيكلة وزارة الصحة، ونظم الحوكمة، والمركز الوطني للمعلومات الصحية، إلى جانب شركات التأمين والمستشفيات الخاصة.
ونود هنا الإشارة إلى التسيير الذاتي للمستشفيات والمراكز الصحية الذي سيوفر المزيد من الاستقلالية، اذ سيتم قريباً تشكيل مجلس أمناء ومجلس إدارة لمجمع السلمانية الطبي وللمراكز الصحية، وأن الحكومة وبموجب القانون ستكون قادرة على متابعة عملية إدارة المستشفيات  لذاتها والتأكد من حصول كافة المواطنين على الخدمات العلاجية التزاما منها بالدستور الذي ينص على توفير الخدمة الصحية للمواطن، والعمل جار على استكمال الأمور التنظيمية والإدارية لتطبيق التسيير الذاتي للمستشفيات والمراكز الصحية الحكومية.
ومن ناحية أخرى بدء العمل التجريبي لنظام التسيير الذاتي للمراكز الصحية عبر برنامج "أختر طبيب" في خمس مراكز صحية بعد النجاح في مركز عالي الصحي، ويعتبر هذا البرنامج من ضمن العناصر الأساسية الداعمة لنظام الضمان الصحي التي تسعى إلى خلق علاقة بين الطبيب والأسرة تتماشى مع المعايير العالمية للعلاج لتحسين جودة الخدمات المقدمة.
وفي ظل الضمان الصحي، سيتم تعزيز دور وزارة الصحة من مقدم خدمات إلى منظم بالتنسيق مع المجلس الأعلى للصحة، ويتم حالياً العمل على إعادة هيكلة وزارة الصحة من أجل التهيئة لاستقبال الضمان الصحي الجديد.
10 . ترأستم سعادتكم نهاية الشهر الماضي وفد البحرين المشارك في الاجتماع الرابع للجنة الوزارية لأصحاب المعالي والسعادة وزراء الصحة والاجتماع الـ (81) لمجلس الصحة لدول مجلس التعاون، هل لكم أن تطلعونا على تطورات مسيرة التعاون الخليجي في هذا المجال، ودور البحرين في تعزيز العمل الخليجي المشترك، خاصة على المستوى الصحي؟
هنالك مسيرة متواصلة متنامية بالإخاء والعطاء بين دول المجلس، وترتبط مملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات أخوية استطاعت أن تحقق طفرة في مجال الخدمات الصحية، وجعلت مواطنيها ينعمون بخدمات وتسهيلات لا تتوافر في كثير من الدول المتقدمة، ويأتي ذلك بفضل توحيد السياسات والإجراءات الصحية على مستوى دول مجلس التعاون بما يعزز التعاون ومد الجسور للوصول من خلالها إلى التكامل الخليجي.
ولقد امتدت العلاقات في المجال الصحي والنقلات النوعية التي حققتها دول الخليج من خلال البرامج المشتركة والعمل خلال السنوات الماضية من اجل تطوير مختلف القطاعات الصحية والشئون المتعلقة بالصحة. ولعل الحرص والمسؤولية التي أولتها وزارات الصحة بالدول الأعضاء للعمل الصحي المشترك بين دول المجلس، كانت شاهدا على الانجازات التي حققتها لجنة التعاون الصحي بمجلس التعاون، الأمر الذي  يعزز الجهود التي تبذلها دول المجلس وأجهزتها لإبراز التزام دول المجلس بأهداف التنمية المستدامة، وحرصها على تحقيق التطوير والتعاون والتنسيق والتكامل بين الدول الأعضاء في المجالات التنموية مما يشكل دفعة جديدة في الارتقاء بالعمل الخليجي المشترك.
وتأتي البرامج الصحية المشتركة بين دول المجلس لترسيخ مبادئ العمل المشترك في ظل المسيرة المباركة الطموحة وبتطوير لأعمال المجلس لتحقيق منجزات تواكب تطلعات مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيــة. ولتنفيذ هذه البرامج، هناك لجان دائمة تنبثق من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجميع هذه اللجان تعمل بشكل متواصل نشاطا طوال العام، ولمملكة البحرين دور فاعل فيها.