العدد 3637
السبت 29 سبتمبر 2018
banner
“شباب توك” في السودان
السبت 29 سبتمبر 2018

ماذا لو سكت السودانيون وتجاهلوا تماما ما قيل ونوقش خلال حلقة شباب توك التي تناولت وضع المرأة السودانية؟ سؤال سألته لنفسي بعد الضجة المهولة التي حدثت في السودان بسبب أن شابة عبرت عن رأيها خلال هذه الحلقة وانتقدت الحجاب وانتقدت الطريقة التي تعامل بها المرأة السودانية في الشارع.

ما النتيجة الإيجابية التي تحققت عندما قامت الدنيا وترك الناس شؤونهم وتفرغوا للعن هذه الشابة ولعن البرنامج ومقدم البرنامج ولعن القناة التي أذاعت ولعن مخترع التلفزيون!

تزلزلت أركان المساجد من حناجر الخطباء وأصبح اسم جعفر عبدالكريم مثل اسم أبوجهل وأصبح من كفار قريش! والغريب أن الحلقة التلفزيونية كان بها شيخ سوداني جليل يرد على الفتاة ويرد على مقدم البرنامج، وبالتالي فهي معركة فكرية ينتصر فيها من يملك الحجة والدليل على ما يقول، والجمهور المشاهد سيقرر مع من يقف ومع رأي من يسير.

لكن البعض في السودان يتعاملون مع كل شيء بحساسية مفرطة ويجردون سيوفهم من أغمادها عند كل اختلاف في الرأي ويدقون طبول الحرب طوال الوقت، الفتاة قالت كلاما، والشيخ قال كلاما، وللناس أن يأخذوا هذا ويتركوا ذاك ولا داعي أبدا لحالة التعبئة العامة التي شغلت الجميع واستهلكت أوراق الصحف وملأت صفحات الفيسبوك وجعلت شيوخ الدين يقضون ليلتهم ويحرقون أعصابهم من أجل تنميق الجمل واختيار الألفاظ الحنجورية التي تشنف آذان المصلين.

والنتيجة النهائية لهذه الحرب هي أن السودانيين صنعوا دعاية مجانية لهذا البرنامج ومقدمه والفتاة السودانية صاحبة الرأي الذي جفف الأنهار ونقل الجبال من مكانها ووضعوا صورة معينة أمام العالم سيقرأها كل على هواه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .