العدد 3633
الثلاثاء 25 سبتمبر 2018
banner
موسم هجرة الأطباء إلى المراكز الخاصة
الثلاثاء 25 سبتمبر 2018

لم يعد بوسع أحد أن يجادل في أنّ الكوادر الطبية في مملكة البحرين مشهود لها بالكفاءة والبراعة في الكثير من التخصصات، فكثيرون  برهنوا أنهم بحجم المهمّة الإنسانية التي نذروا لها أنفسهم، وللأمانة غالبيتهم يسعون للاستفادة من الفرص التي تتاح أمامهم لمواكبة المستجدات في الحقل الطبيّ، ووزارة الصحة من جهتها دأبت على ابتعاث عدد من الكفاءات للتدريب خارج البحرين على مدى عقود رغم النفقات الباهظة.لكن الظاهرة الجديرة بالدراسة أن عددا من الاستشاريين في مختلف التخصصات خلال السنوات الفائتة غادروا المستشفيات الحكومية إلى المراكز الطبية الخاصة أو لفتح عيادات خاصة بهم، وهذا بالطبع يشكل خسارة جسيمة للأطباء والمرضى ممن هم بأمس الحاجة إلى خبرات الاستشاريين، لم يكن خيار الكوادر الطبية ممارسة المهنة بالخارج أمرا اعتباطيا، بل إنّ الأمر الذي بات حقيقة مؤكدة أنّهم يتعرضون للتهميش وسوء التقدير لعطائهم، الأمر الذي دفع أكثرية الاستشاريين إما إلى طلب التقاعد أو اختيار العمل الخاص، وفي الحالتين يعد هذا تفريطا في الخبرات النادرة من كوادرنا الوطنية.

ليس خافيا أنّ عروضا مغرية تقدم للأكثرية للالتحاق بالمستشفيات الخاصة، وبالفعل تم استقطاب فئة لا يستهان بها من خيرة الأطباء بينما قلة منهم فضلوا البقاء في مواقعهم وتقديم الرسالة الإنسانية النبيلة للمترددين عليهم، خصوصا لغير القادرين على دفع تكاليف الرسوم الباهضة في الطب الخاص، ويستحق هؤلاء الشكر على هذا الموقف النبيل.

الذي يهمنا هنا من إثارة هذه القضية بالغة الأهمية لكل مواطن تعاطي وزارة الصحة مع هجرة كوادرها وهو موقف يتسم بعدم الاكتراث للأسف، ألم يكن جديرا بالوزارة بحث الظاهرة الآخذة في التنامي عاما بعد آخر؟ وكيف للوزارة أن تفرط في كفاءاتها بهذه السهولة وكأنّ مغادرة طبيب لا تشكل أية خسارة لأحد! وإذا كان ما يشاع بأنّ إجراءات استفزازية تمارس بحق البعض وربما تحميلهم فوق طاقتهم، أليس حريا بمن بيدهم الأمر بحث مثل هذه القضايا بدلا من تجاهلها؟ ولنكن أكثر صراحة، الذي نما إلى علمنا أنّ السبب الرئيس للاستقالات هو أنّ لدى الأكثرية من الأطباء مطالب بتحسين أوضاعهم المادية، ونعتقد أنّ هذا حق أصيل لهم بوصف المهنة أقدس المهن وأنبلها على الإطلاق.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية