العدد 3632
الإثنين 24 سبتمبر 2018
banner
في الطائرة والكيماوي وإدلب! (1)
الإثنين 24 سبتمبر 2018

سرقت بعض التركيز على اتفاق سوتشي الخاص بإدلب، قصّة إسقاط الطائرة الروسية “بنيران صديقة” وهي في كل حال، قصّة قصيرة وعابرة وسرعان ما طوى صفحاتها المعنيون بها: الروس الضحايا، والإسرائيليون المسبّبون، والأسديون المرتكبون.

والإصرار على عابريّة الحادث وعرضيّته من قبل الروس أولاً وأساساً متأت من جملة اعتبارات، أوّلها أن هناك تقصيراً ذاتياً عملياً وبشرياً، عدا كونه مُحرجاً، خصوصاً وأن جذره التقني وليد قرار سياسي يتمثل مثلما هو معروف ومُشاع بتفاصيل التفاهم الروسي – الإسرائيلي وعناوينه إزاء سوريا والمصالح المتبادلة فيها وانطلاقاً منها، والذي يشتمل على تنسيق ميداني عسكري مفتوح، وهذا يعني من جملة معانيه، أن تتصرّف إسرائيل كما تشاء من ضمن مدوّناتها التي تضع إيران وميليشياتها و”مستشاريها” في خانة “الإرهاب” المطلوب “القضاء عليه”، بالغارات الجوية المتتالية.

“الشرط” الوحيد الذي وضعته موسكو، مثلما تمّ التذكير به تحديداً، هو امتناع الطيران الإسرائيلي عن الإغارة على أهداف محاذية لمواقع العسكر الروسي، أما غير ذلك فلا مشكلة! ثم على هامش هذا المبدأ الماسّي، ومن أجل منع أي خلل في تطبيقاته، هناك موجبات التنسيق التي تعني الإبلاغ المسبق عن كل تحرّك مزمع للطرفين جويّاً! بما يسمح للطرف الروسي تحديداً باتخاذ “تدابير وقائية” من ضمنها، إطفاء منظوماته الدفاعية، (كما سبق الافتراض).. أي أن هذا التدبير الوقائي الروسي هو الذي أدى الى حادثة الطائرة في النتيجة!

ثم بعد ذلك، فإن “التوضيحات” الإسرائيلية أضافت على الحرج الروسي ولم تقلّله من خلال إعادة تأكيد المعروف، وهو أن إسرائيل تستهدف بموافقة روسية مسبقة، كل البنى العسكرية والتسليحية ذات الصلة بإيران و”حزب الله” بما في ذلك منشآت تابعة لبقايا السلطة الأسدية حتى لو كانت هذه على بعد خطوات من قواعد الروس في الشمال السوري!

والفحوى الضحل والعميق لهذه “القصّة” ليس عند الروس ولا عند الإسرائيليين ولا حتى عند الأتراك، بل هو أولاً وأساساً عند الإيرانيين وملحقاتهم الميليشياوية في “حزب الله”، الذين تلعب الأقدار لعبتها ضدّهم لتظهر كم أن تهافتهم الفتنوي لا سقف ولا حدود له! وكم أن جموحهم القومي – المذهبي لا ضوابط مفهومة أو معلومة له! وكم أن ثباتهم على هدف الفتك بالآخر العربي والمسلم (الأكثري) يعني استعدادهم للعمل في سبيله على الأرض حتى لو أفضت “إلتباسات” المعركة إلى أن تكون إسرائيل في الصورة دائماً! وأن تكون تغطيتهم الجوية الروسية مربوطة بغرف عملياتها العسكرية!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .