العدد 3631
الأحد 23 سبتمبر 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
الطلاء والجدار القديم
الأحد 23 سبتمبر 2018

حقيقة لا أعلم لماذا تصرُّ وزارة العمل على توزيع فرقاعتها المضحكة عن أرقام توظيف الباحثين عن العمل؟ من خلال الأرقام التي تلقيها علينا كل صباح يشعر القارئ أن بعض مسؤولي الوزارة بحاجة إلى الالتحاق بدورة تدريبية في تعلم الرياضيات، لأن الأرقام الخيالية التي توزع علينا كل صباح أشبه ببسكويت منتهي الصلاحية، ويراد إقناعنا بأكله، بل الالتذاذ به!!

أحيانًا نشعر أن وزارة العمل خارج التغطية أو بلا شريحة استقبال لما يدور من أزمة البطالة!! تقول الوزارة سنويًّا توظف بالآلاف وقد يصل إلى فوق الـ 20000 توظيف.

على من توزعون هذه المانشيتات؟ إذا كانت الأرقام صحيحة فقد تحتاجون إلى تسجيل حتى الرضع أو حديثي الولادة حتى تتناسب أرقامكم مع الواقع!! فكم عدد سكان البحرين حتى تفرقعوا هذه الأرقام الخيالية؟!

إن وزارة العمل تصلح لأن تكون أكبر وزارة في توزيع أعلى الأرقام لموسوعة جينيز، فكما يوجد أكبر كبة، وأكبر صحن حمص وأكبر طبق برياني ستكون وزارة العمل أكبر وزارة في العالم توظف عاطلين عن العمل في العالم.

وبأرقام وزارتنا الغراء، ومراكزها المتخمة بالوظائف والعروض المغرية تصلح لأن تنقل تجربتها لأي دولة تعاني من تخمة سكانية، وقد تعاني من بطالة كالصين والهند وغيرهما.

مشكلة بعض وزرائنا يعتقدون أن خدمة الوزارة أو الوطن بتوزيع أقراص الباندول المسكنة لوجع القارئ مع توزيع الأصباغ الرخيصة التي ((تسيح)) مباشرة بسبب رداءتها أمام أعين القارئ أمام أول خبر.

هذه الثقافة مثل الفالصو، ولا تصلح كسكراب، ومنتهية الصلاحية، بل تسبب تضييع جهود ذات الوزارة عندما تنجح في مشروع وطني هنا أو هناك. المصداقية هي أساس كل شيء.  عندما تعترف أي وزارة بفشلها في إدارة شيء معيّن، وتكون موضوعية وفي ذات الوقت تنجح في ملف آخر، فالناس تزداد ثقتها في كل ما يطرح إما الاتكاء على العقلية الملائكية في كل الملفات، فهذا يعني أننا ما زلنا نعيش بعقلية أبو زيد الهلالي الذي لا يخطئ، وإن كنّا خريجي جامعات أوربية أو ندعي أننا نواكب الحادثة.

أهم عنصر لتشخيص أي مرض كما يقول علماء النفس هو ((الإدراك)) أن تدرك أنك مريض، ولا تكابر في ذلك أو تتخفى خلف إصبعك. كي تعالج الوزارة البطالة لابد أولا تعترف بوجود المرض، وحدته وقوته، والاعتراف بأنه يحتاج إلى استراتيجية متكاملة من كل الوزارات، والاعتراف بحجم أرقام العاطلين، ونسبة التوظيف الحقيقية لا المقنعة بالتحايل لكي نستطيع علاجها.

ختامًا كفاية هوليودية دراما الأرقام وابدأوا بعمليات جراحية حقيقية لملف البطالة فأصحاب الشهادات العليا بازدياد متكدسة في البيوت. حل البطالة يحتاج إلى ركائز قبل المراكز. أصبحت قصة البطالة أشبه بقصة الروائي اللاتيني، غابرييل ماركيز ((مئة عام من العزلة))، أو قصص ألف ليلة وليلة، طويلة وقديمة. فقصة البطالة تصلح لتكون رواية بعنوان الطلاء والجدار القديم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .