+A
A-

المال الرخيص وسنوات الانهيار.. هل الأزمة المالية وشيكة؟

10 سنوات مرت على الأزمة المالية وانهيار بنك ليمان براذر، وربما مسؤولو البنوك المركزية الكبرى في العالم والحكومات ليسوا في حاجة لتعلم دروس هذا الانهيار الاقتصادي أكثر من اليوم.

فالحديث عن الأزمة المالية التي اندلعت شرارتها في 2008، تمهد الطريق لاستكشاف الأخطاء التي وقعت فيها بنوك مركزية عريقة دفعت باتجاه الدخول في أزمة مالية جديدة، ستكون بحسب الخبراء أعنف بكثير مما كانت عليه في 2008.

لا أحد بإمكانه إنكار دور البنوك المركزية العالمية التي بدأت في عملية "استرخاء كبير" للتحفيز النقدي الاستثنائي، والذي كان أمرا مثيرا للاهتمام.

وقبل أيام حذرت مؤسسة جي بي مورغان من الأزمة المالية القادمة والتي قد تحدث اضطرابات اجتماعية لم تشهدها البلاد منذ 50 عاما.

المهمة لم تنجز بعد!

يقول براين تشابتا من وكالة بلومبرغ "الآن، بعد مرور 10 سنوات على انهيار بنك ليمان براذرز، نشهد نتائج أكبر تجربة للبنك المركزي في التاريخ. فعلى السطح يبدو أن المهمة أنجزت.

في الولايات المتحدة، وصل معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ 48 عاماً، ووصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مؤخرًا إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، وزادت ثقة المستهلكين أكثر من أي وقت مضى في الألفية الجديدة. ولكن بتفكير أعمق قليلا، سنجد أن هذا الطريق قد مهد مع الدين تلو الدين وهذا الطريق في اتجاه واحد وبلا عودة".

فدعم الأسواق المالية بالمال السهل أو "الرخيص" والسماح لحجم الدين العالمي بالقفز إلى مستوى 250 تريليون دولار يعتبر فاجعة كبيرة وخطأ وقعت فيه البنوك المركزية بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك اليابان المركزي.

المال الرخيص

رامي أبو زيد مدير إدارة بحوث الأسواق في AT Capital، قال لـ"العربية.نت"، إن الاقتصاد العالمي مقبل على أزمة مالية بسبب المال الرخيص.

وأضاف أن إدمان الحكومات على الحصول على ديون بتكلفة متدنية سيدفع بالنهاية إلى أزمة كبيرة.

وحول عدم قبول البنوك المركزية العالمية الحديث عن دورها في الأزمة القادمة قال أبو زيد "الحصول على تمويل رخيص فيما يبدو أنه سيطر خلال الـ10 سنوات السابقة على الجميع، ويجب أخذ الحيطة من الطريق الذي يسير فيه الاقتصاد العالمي باتجاه أزمة مالية".

ويرى كبير الاستراتيجيين لدى بنك "جي بي مورغان "ماركو كولانوفيتش"، أن أزمة السيولة الكبيرة ستضرب الأسواق المالية، بحسب محطة سي إن بي سي الأميركية.

انخفاض مفاجئ وحاد للأسهم

وقال كولانوفيتش إن التحول الذي تبلغ قيمته تريليون دولار إلى الاستثمارات السلبية واستراتيجيات التداول المحوسبة ومكاتب التداول الإلكترونية سيؤدي إلى تفاقم الانخفاض المفاجئ والحاد في أسعار الأسهم.

براين تشابتا من وكالة بلومبرغ يرى أيضا أنه البنوك أبقت أسعار الفائدة عند أو تحت الصفر لفترة طويلة - ربما أطول مما ينبغي، واستخدموا برامج شراء السندات لتخفيض العائدات السيادية، إلا أنهم وفي المقابل عاقبوا المدخرين وشجعوا الاستهلاك والمخاطرة، فتضخم الدين العالمي على مدى العقدين الماضيين، من 84 تريليون دولار في مطلع القرن، إلى 173 تريليون دولار في وقت الأزمة المالية لعام 2008، حتى قفز إلى 250 تريليون دولار بعد عقد انهيار بنك ليمان براذرز.

فالحكومات مسؤولة إلى حد كبير عن الشراهة في الاقتراض.

كلهم يقترضون

سوق السندات الأميركية وصلت قيمتها إلى 15.3 تريليون دولار، وهي أكبر سوق للسندات في العالم. وقد تضاعف حجمها ثلاث مرات منذ أغسطس 2008. وخلال الـ10 سنوات السابقة، نمت السوق 1.5 تريليون دولار فقط، في بداية حرب العراق. ويمثل إجمالي الديون الفيدرالية في الولايات المتحدة الآن أكثر من 100%، من الناتج المحلي الإجمالي لأميركا.

هذا السلوك لم تتفرد به الحكومة الأميركية وحدها، حيث توسعت غالبية الحكومات في الاقتراض، وكذلك المؤسسات المالية والشركات والأفراد، إلا أن الحكومات كانت عينها على دفع معدلات النمو الاقتصادي إلى الأمام ما راكم بشكل كبير الديون وفاقم من مستوياتها".

وبحسب بيانات معهد التمويل الدولي توسعت الشركات في الاقتراض ولجأت إلى أسواق السندات، ويمثل عبء ديونها الآن أكثر من 90%، من الناتج المحلي الإجمالي، مرتفعة من 77%، في عام 2008.

ولجأت الشركات مع تزايد مستويات الدين لديها وارتفاع السيولة إلى شراء أسهمها من الأسواق ما دفع أسعار هذه الأسهم إلى الارتفاع.

كيف هي الأسواق الناشئة؟

الأسواق الناشئة أيضا ارتفعت ديونها أكثر بكثير مما كانت عليه قبل 10 سنوات، وفي دول مثل تركيا والبرازيل يطالب المستثمرون بديونهم الدولارية ومع رفع المركزي الأميركي أسعار الفائدة فإن هذه الدول تتعرض الآن لضغوط كبيرة. كما أنه وفي جميع الدول الناشئة، تمثل الديون غير المالية للشركات ما يقرب من 100% من ناتجها المحلي الإجمالي.

كبير الاستراتيجيين لدى بنك "جي بي مورغان "ماركو كولانوفيتش"، أشار إلى أن البنوك المركزية ستضطر إلى القيام بخطوات غير مسبوقة، بما في ذلك عمليات شراء مباشرة للأسهم، أو حتى قد تكون هناك ضرائب دخل عكسية.

وقال إن توقيت حدوث هذه الأزمة القادمة أمر غير مؤكد لكن يبدو أن الأسواق آمنة خلال النصف الأول من عام 2019.

ويتوقع كولانوفيتش تراجع سريع وحاد في قيمة الأصول مع زيادات حادة في تقلبات السوق، لافتا الى أنه في حال حدوث تراجع في الأسواق بنسبة 40% أو أكثر، فإن البنك الفيدرالي سوف يحتاج الى اتخاذ تدابير عاجلة لمنع حدوث دوامة تؤدي إلى الكساد.