العدد 3624
الأحد 16 سبتمبر 2018
banner
نقطة أول السطر أحمد جمعة
أحمد جمعة
100 عام على الثقافة... ولا حزن!
الأحد 16 سبتمبر 2018

الثقافة واجهة الحضارة لكل بلد، وتمازج الثقافات هو الأصل في الحضارة العالمية، فهذا يأخذ من ذاك والعكس، والذين يدعون الغزو الثقافي مغلقو الأفق ومعدمو الإنسانية إذا ما أُخذنا بالاعتبار أن الثقافة هي الأصل في الحضارة، ليست هذه الديباجة سوى مقدمة للسؤال التالي... منذ 50 سنة حتى اليوم، ما الجديد أو المختلف أو المتميز وغير المألوف في ثقافتنا؟ ماذا عن السينما ودعك من المسرح؟ ماذا عن نشر الكتاب العالمي خارج الحدود ليعبر مساحات نحو العالم مترجماً أو مؤلفاً؟ ماذا عن الأغنية والموسيقى التي تجتاز هي الأخرى الحدود وتصل الآذان والأسماع عبر القارات؟ لقد عبرنا القرن العشرين وولجنا القرن الحادي والعشرين، وها نحن على وشك الدخول في عقد جديد والمساحة الثقافية مازالت بحدود ما كانت عليه قبل 100 عام، بل ربما أدنى مما كانت عليه، ففي السبعينات من القرن الماضي كنا متفائلين بأن الثقافة على وشك اجتياز الحدود والشيء الوحيد الذي اجتاز الحدود هو الهاربون من وجه القانون.

لا ننكر ما تحقق على صعيد التراث واليونسكو ومشروع طريق اللؤلؤ والكثير مما تبذله هيئة الثقافة والآثار، لكن كل ذلك يضعنا أمام السؤال الملح وهو أين السينما والمسرح والموسيقى والكتاب والأغنية التي تجتاز الحدود وتعبر عن هذا التاريخ الحضاري والإنساني للإنسان في هذه الرقعة من العالم؟ لدينا تراث بمستوى عالمي متمثل في إرث البحر والجزر والصيد واللؤلؤ والغوص والأهازيج والأغاني كلها بمستوى عالمي فقط يراد من يحركها بالتفكير والمال، ولا تقولوا الإمكانيات المالية، الموسيقى الأفريقية السوداء عبرت الحدود وأضحت عالمية وهي لا تملك سوى إيقاعاتها الحضارية.

كم ننفق على الرياضة بمختلف قطاعاتها؟ أعطوا الثقافة جزءا يسيرا من مال الرياضة وسنجني ضعف ما نجنيه الآن من الرياضة، وآمل ألا يفهم من كلامي التقليل من شأن الرياضة بقدر ما يرد الاعتبار للثقافة التي اكتفينا ببعض الأنشطة الموسمية وبقدر مما تحقق ولا ننكر مستواه فيما يتعلق بالآثار، لكن الثقافة العالمية اليوم هي أغنية عالمية وموسيقى عالمية وكتاب يعبر الحدود وسينما تعكس الواقع ومسرح غير تجاري أو تجريبي، الثقافة المقصودة هنا فيلم ينافس في المهرجانات العالمية أفضل من ألف نشاط وفعالية محلية تذهب أدراج الرياح. والثقافة المعنية كتاب يعبر الحدود أفضل من المنتج الحالي المكدس بالمخازن، وقس على ذلك الأفكار والمشاعر والانعكاسات التي ستنجم عن عبور ثقافتنا الحدود.

بيقيني مادامت الرؤية مسدودة والفهم خاطئ لمعنى الثقافة العالمية واليد قصيرة وبخيلة تجاه الأفكار والمبادرات والمحاولات التي قبرت بهذا الشأن فإن 100عام أخرى ستنصرم ونحن مازلنا بذات الحال، حتى مؤسساتنا الثقافية ذاتها الموجودة على الساحة تستنكر الثقافة وتقلل من مكانتها فماذا نتوقع؟.

 

تنويرة:

لن ترى النجوم مادمت لا تنظر للسماء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية