العدد 3613
الأربعاء 05 سبتمبر 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
ما عادوا يؤمنون!
الأربعاء 05 سبتمبر 2018

نميل نحن البشر إلى تبرير كل شيء في حياتنا، ونضع الحجج؛ لنُسوِّغ أو نعطي أنفسنا الحق في تصرف أو عمل معين، هذه المبررات أو الحُجج قد تأتي نتيجة أعراف أو أديان أو مذاهب أو نظريات وقوانين معينة، وهكذا؛ فإذا كانت حُججي لا تستند إلى واحد من هؤلاء؛ لن يقبلها عقلي ولا عقل غيري.

هكذا نتعامل في الحياة؛ فإن لم أكن مُقنعًا لغيري؛ بحثتُ جاهدًا عمّا يثبت صحة أقوالي أو أفعالي؛ من مبررات تتوافق عليها جماعتي التي أنتمي إليها! وإلّا نُبذت أو استُهزئ بي؛ فلا سبيل إلى الإتيان بدليل أو حُجة خارج حيزها أو فكرها أو مفاهيمها ومعتقداتها!

في هذا المجتمع لا سبيل إلى الاختلاف؛ فالاختلاف خروج، وشق للصف! في البيت الواحد لا سبيل لتدّعي أنك آخر جديد بوجهة نظر مختلفة، أو صاحب تفكير مُغاير؛ فكيف إذا جئت بتبرير أو حجة من الخارج؛ أي خارج جماعتك؛ أظن مصيرك؛ هو إقامة الحد عليك؛ فإن لم يكن بالسيف المادي؛ فبالسيف الكلامي؛ ستشن عليك الحرب، فإما أن ترجع لرشدم أو تتبرأ منك وتُطرد!

هذه مقدمة طويلة؛ لأقول لكم إننا نسمع يوميًا عن أشخاص، يتهامسون من تحت الطاولات، وبالطرق السرية، وفي الغرف المُغلقة؛ يتحدثون عن عدم قناعتهم الشخصية بمذاهبهم الدينية، أو بعض السلوكيات، ومنهم من توقف فجأة في منتصف عمره عن أداء الفرائض، ومنهم من يرمي بعض ما تعارفنا عليه من مناسك مُقدسة؛ بالقول إنها أفعال الجاهلية!

هناك من يُرسلون رسائل خفية حول كفرهم بكثير من المفاهيم، وليس فقط المعتقدات! وهم إذ ذاك يفترشون لك حُججًا تبدو منطقية، ويُخيّل إليك وأنت تقرأ ما يكتبونه أو يتناقلونه من معلومات وأسرار تاريخية؛ أنك مُضلل، وتائه، وتتبع سيرة الأولين، فأنت وجماعتك كأهل الكهف، أو كمنوّمين تنويمًا مغناطيسيًا؛ تعيشون الماضي، وتكررونه، ثم تنقلونه إلى الحاضر؛ فالمستقبل!

هؤلاء يرون أن شغلك الشاغل هو الحفاظ على النسل؛ ليس نسل الأبناء؛ إنما نسل المعتقدات والمفاهيم؛ التي يشككون أصلا في صحتها؛ تحت ذريعة أنها لم تعد تقنعهم اليوم، ولم تعد (تدخل الدماغ)، وأنها استغفال تاريخي لعقولهم!   السؤال الذي يجب أن يُطرح هو: ما قصة هؤلاء؟ هل هي نتائج التقدم والعولمة التي (فرّت المخ)، أو الماسونية والإلحاد، خصوصا أن معظم هؤلاء يدّعون الثقافة، والبحث، والتنقيب، والحفر؛ فهم ليسوا مراهقين أو أصحاب “فتوّة”؛ بحيث يتم استهواؤهم أو غوايتهم والتغرير بهم! إنهم أصحاب علم (ظاهريًا)، قرروا فجأة أن يكونوا خارج أسراب الجماعات!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية