العدد 3611
الإثنين 03 سبتمبر 2018
banner
لا تقل شيئا.. لا تعمل شيئا.. لا تكن شيئا...
الإثنين 03 سبتمبر 2018

كادت الحساسية المفرطة وغير العقلانية تجاه النقد والنظرة المتعالية غير الواقعية لتقدير الذات وتفخيمها، كادت أن تطيح بأحلام وأمال أحد الزملاء بعد اتخاذه قرارا بالانسحاب من الدراسة الجامعية على إثر نقد أستاذه لأدائه بهدف تحسين مستواه والارتقاء بتحصيله الأكاديمي.

زميلنا ذاك كان يثمّن ويقيّم قدراته عاليا جدا بعيدا عن الواقع والحقيقة، ولهذا كانت ردة فعله تجاه نقد الأستاذ لأدائه قوية كادت أن تحرق آماله وطموحاته وتطيح بأهم قواعد المستقبل الناجح.

في اعتقادي أن صاحبنا كان مصابا حينها بما يعرف بالتمحور حول الذات وهو كما يعرّفه معجم المصطلحات الإدارية، الاعتقاد بأن خصائص الشخص أو سماته تفوق خصائص غيره، الأمر الذي يبعده عن الغير ولا يتقبل آراءهم ووجهات نظرهم وأفكارهم. انتهى.

الآن وعندما يتم تذكير زميلنا العزيز بتلك الحادثة يعلق ضاحكا: كنت وقتها تحت سطوة السذاجة وشيء من الغباء المؤقت.

نقيض تلك الحالة السابقة ما صرح به النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي اعترف بتأثير النقد في وصوله للنجومية وفوزه بجائزة أفضل لاعب في العالم 5 مرات حيث قال إن النقد الذي ناله من مدربه السابق السيد أليكس فيرجسون ساعده على التطور بشكل كبير (المصدر “البلاد” العدد 3601).

إذن البعض ينظر إلى النقد نظرة إيجابية ويعتبره أداة فاعلة للتطوير والبعض الأخر يرفضه ويعتبره انتقاصا لذاته. طبعا نحن نتحدث هنا عن النقد الهادف الذي يكشف السلبيات بأسلوب علمي عقلاني ويضعها أمام متخذي القرار أو يضعها أمام المسؤول أو الفرد؛ ليتعامل معها ويحولها إلى فرص للتقدم والتطوير.

في الحقيقة الذي دعاني إلى تناول هذا الموضوع، أقصد النقد، هو محاضرة ألقاها أحد الزملاء الصحافيين قبل فترة وكان موضوعها يدور حول دور الصحافة في الكشف عن السلبيات ومن ثم تحريك أصحاب القرار للتعامل معها. وشدد المحاضر على أن هذا هو أحد الأدوار الأصيلة للصحافة. ولكننا، لا يزال الحديث للزميل، نواجه معادلة صعبة للقيام بتلك المهام وهي: كيف يمكنك الانتقاد وفي نفس الوقت تحافظ على علاقتك مع المؤسسة وبالتالي يستمر الدعم الإعلاني للصحيفة؟ هذا الخيط الرفيع بيننا كيف نحافظ على سلامته واستمراريته؟

ما الحل؟ الكثير منا ربما يتفق مع ما قاله العالم البرت اينشتاين في هذا المقام ‘‘حتى تتجنب الانتقاد لا تقل شيئا، لا تعمل شيئا، لاتكن شيئا‘‘، انتهى.

ما رأيك سيدي القارئ؟ هل هذا حل معقول؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .