العدد 3610
الأحد 02 سبتمبر 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
الملك بين إطفاء الحرائق وتركيب الخرائط
الأحد 02 سبتمبر 2018

ملك يمتلك موهبة الملوك في نسج العلاقات الدولية، يجيد فن إطفاء الحرائق، وقادر على إعادة تركيب الخرائط. سيكولوجي بمهارة عالية في ذكاء المسافة، القريب من السلم، البعيد عن الحرب، تستنطقه قماشة الحادثة منسوجة بحرير الأصالة، طبيب في تطبيب جروح الأديان يلوّن القداس متلاحما مع الاذان.

فصول تاريخه حوار أديان ومراكز تقدم التسامح للأديان. غير منشغل ببهلوانات المشاكسة، ولا تستهويه عضلات الإقليم، ولا مراهقة نرجسيات حلم الإمبراطوريات على الطريقة الرومانية القديمة ولا الإيرانية أو العثمانية الجديدة.

ملك يستهويه اتساع الأمن على تعملق المساحة، تغريه الجسور ولا تغويه الجدران، يعتلي صهوة المُهر للوصول إلى المهارة، يرهن الصبر ولو كان صبّارا، يؤمن بالشوق وإن التحف بالشوك، يراهن في الشدائد على اقتطاف ثمار الفوائد. لا يلتفت لخناجر إعلام الجار، ولا أنياب الإعصار، ويرى في كذب التاريخ كومة غبار.

هكذا هو ملك التاج، دوبلاماسية بلا حدود، بطل بقوة جنود. أسس دفاع القوة لتكون “قوة الدفاع” مؤسسة تصنع الأعين للحدود ذودا عن تراب الأرض؛ ليرضى التراب أن يكون تبرا ومن كل عدو تبْنا.

حاكم حكيم، صمام أمان الحكم والهرم الكبير بين هرمين: عمه رجل الدولة الحكيم، وولي عهده المتنور الأمين، ركائز الحكم و شرعية النظم، قلاع الوحدة الوطنية، حمد القلب وخليفة الساعد المزُن وسلمان الندى.

الخطوط الحمراء ثلاثة بلا التباس، وإن راهن متربص بزينة لباس، هم الكأس المرصع بجواهر الألماس ضحك دهر أو كره زمن تربص أو ساس. بهم يقوى وطن، وتبتسم أرض، ويضحك بحر وتبارك سماء.

فلا لعبة كيبورد أو خنجر تويتر أو تمساح إعلام جار أو ثعبان إقليم قادر على إضعاف هذا المكّون المتناسق، نغمة حكم يعزفها قيثار.

وهنا نحن كشعب نقوى بقوتهم، نضع يدنا بأيديهم لأجل أن تبقى البحرين كبيرة بحكمها حكيمة بحاكمها وعظيمة بمحكوميها. عاهل البلاد يستقبل فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، وفي ذلك دلالات كثر، البحرين امتداد للعروبة، وأمنها من أمن مصر، مصر التي ظلت ولسنين طوال تدعم البحرين في المنعطفات والزوايا الحرجة عند غضب التاريخ.

علاقة البحرين بمصر علاقة استراتيجية وفي المشتركات سياسة وأمنا واقتصادا. وفي ظل إقليم مشتعل يقوم على فتح الجروح النائمة والاستقطابات الفئوية، والمراهقات السياسية، والتحالفات البرغماتية يقود الملك تحالفاته القوية المبنية على المشتركات الواقعية للحفاظ على العالم العربي والإسلامي، فالملك حمد استطاع بمهارة كبرى طيلة هذه السنين في العالم العربي مد الجسور لترميم الكسور، يراهن على تحويل نار الإقليم إلى منار، وتحويل الجراح إلى أفراح ببناء مدارس، ومراكز صحية كما في فلسطين، وتقوية الدول الشقيقة كما هي مصر، ودعم قوات التحالف مع السعودية والتي تعتبر خاصرة العالم الإسلامي، والتحالف الخليجي الكبير في المشتركات. هذا هو الملك بين إطفاء الحرائق وتركيب الخرائط وتكوين الحدائق. هكذا كان ومازال وسيبقى تاريخ مَلِك ملَك التاريخ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية