العدد 3610
الأحد 02 سبتمبر 2018
banner
نور على نور
الأحد 02 سبتمبر 2018

منذ المهد من أيامنا، والطالع من زهور حياتنا، منذ نعومة أظافرنا، وطلائع أحلامنا، ونحن نعيش مجالس الأولين وكأنها بيوتات خبرة لتعليم العادات والتقاليد والمُثل العليا، جامعات مفتوحة للتدريب على فنون الحكمة وأصول الفكر وثوابت الأمة.

في المهد كان مجلس الأمير الراحل سمو الشيخ سلمان بن حمد طيب الله ثراه، وفي البدء كان ذلك المجلس ملتئما لثلاث أو أربع مرات يوميا، وكان التوافد الكثيف عليه أشبه بالقبلة التي يتطلع إليها الحامدون الشاكرون، والمزار الذي يهفو إليه مواطنونا الطيبون الصالحون، مزارعون، تجار ومفكرون، ساسة ورجال دين.

كانت البحرين في ذلك الوقت مركزا لتجمع الأعراق والعائلات المتحابة في الله وفي الوطن، وكان المجتمع البحريني شديد اللُحمة والتماسك، وأناسه شديدي التمسك بأصولهم وفصولهم ووحدتهم الوطنية، وآمالهم القومية، وعروبتهم الفتية.

كلمات نابعة من القلب الكبير، نبرات من صوت أخاذ بطبيعته، أمين بفطرته، مؤثر بإشاراته وصيرورته، إنه خليفة بن سلمان في مجلسه العامر يوم الأحد الماضي، نور على نور، شعلة متئدة بالتماهي مع التاريخ، والتخاطب مع العصر الافتراضي والزمن الانتقالي.

أمة العرب في العراق كانت سيدة وصارت تعاني، شعبها كان مزدانا بالحضارة والتقدم والنماء، وأصبح طالبا للإنقاذ الفوري، واللجوء القصري والحماية الخارجية، الشام بشحمه ولحمه، تراثه وحراسه، بأسواقه وشواطئه وخيراته وخبراته، جفت به الحياة، نضبت وسائل العيش الكريم فيه، تشرد أهله، وتهدمت بيوته، وصارت الحقول أطلالا، والينابيع جبالا، والأيام الخوالي ظلالا واستحالة.

لذلك كان خليفة بن سلمان في مجلسه المهيب واقفا في ساحة الترقب والامتناع عن التفريط، يزأر في وجه التعصب، ويحذر من مغبة الاستسلام للفرقة والانقسام، ويشدد على أهمية العودة إلى ما يلم الشمل، وينبذ التشرذم، ويهد الوطن، لعله فتح من الله ونصر قريب، ولعلها الأمة التي ضحت، والشعوب التي هلكت، والإعلام التي نُكست، والصواري التي انزوت.

رئيس الوزراء كان في مجلسه بعد عطلة عيد الأضحى المبارك متأثرا بمشاهد التعاطي السعودي مع موسم الحجيج، المناسك انتهت على ألف خير، ولولا الخدمات التي ارتقت، والمرافق التي تطورت، والرياض التي تفتحت، ما كان للأمن أن يترسخ، والأمان أن يسود، وطيب الوفادة أن يسيطر.

إنها عادات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين عندما تلتقي مع آمال وطموحات شعب البحرين بقيادة وتوجيهات وأحلام مليكها المفدى حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، وحين يصطف حماة الأماكن المقدسة مع الركب الهائم في الهدى بقادة البحرين وشعبها الوفي، مسئولية جسيمة على عاتق الأمنيات الطيبة والتفاصيل الصغيرة، عروة وثقى من المنامة إلى حائل، إلى المزدلفة، ومن الدمام إلى بيت الله الحرام، لفتة إنسانية مباركة عندما تتعانق مع أخرى فوق “مِنى”، أو بالقرب من “عرفة”، أو على البعد من أهداب مكة المكرمة إلى أعتاب المدينة المنورة، إسراء سنوي بين أسماء الله الحسنى، وبساط سحري من الأزل إلى الأبد، وكل عام وأنتم بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية