+A
A-

هروب "الأموال الساخنة" يؤرق حكومة مصر

رغم ارتفاع التدفقات المالية الأجنبية إلى مصر منذ تعويم الجنيه قبل نحو عامين، إلا أن جزءًا منها يصنفه الخبراء كـ"أموال ساخنة" يضخها الأجانب عن طريق الاستثمار في أدوات الدين المصرية، وهي أموال سرعان ما تدخل للاقتصاد وتخرج منه باحثة عن فرص استثمارية أخرى ذات أرباح أعلى.

يأتي ذلك، في وقت تشهد الأسواق الناشئة موجة تخارج للمستثمرين الأجانب، وسط تباين الأسباب والتأثيرات، لا سيما في ظل اضطراب الأوضاع الاقتصادية العالمية، بسبب الحروب التجارية بين أميركا وعدة بلدان.

وتقول وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، إن 5 مليارات دولار خرجت من مصر منذ مايو الماضي، فيما يحذر خبراء الاقتصاد من خطورة استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية، لأنها مرشحة للتسييل بمجرد حدوث أي توترات، أو أي حاجة للسيولة من جانب المستثمرين الأجانب.

وساهم قرار البنك المركزي المصري، لتحرير سعر صرف العملة المحلية، في نوفمبر 2016، والذي نتج عنه فقدان الجنيه لنصف قيمته، في إنعاش التدفقات الأجنبية على السندات وأذون الخزانة الحكومية. وبحسب رصد أجرته وكالة "الأناضول"، عادت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية للتراجع، لتسجل 17.5 مليار دولار نهاية يونيو؛ بعد صعود لافت عقب تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر 2016.

وكانت استثمارات الأجانب في أدوات الدين، تقدر بنحو 23.1 مليار دولار، بنهاية مارس 2018، وفق بيانات رسمية.

تخارج

قالت الباحثة الاقتصادية هدى سعيد، في تصريحات لـ"الأناضول"، إن عدة أسباب محلية وخارجية تقف وراء تخارج استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية، موضحة أن الأسباب المحلية تتضمن توجه البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة خلال فبراير ومارس من العام الجاري، ما قلل جاذبية الاستثمار في الأذون والسندات.

ومنتصف فبراير ونهاية مارس 2018، خفّض البنك المركزي المصري، الفائدة الرئيسية إلى 16.75% للإيداع و17.75% للإقراض.

وأشارت الباحثة الاقتصادية إلى أن الأسباب الخارجية، تشمل تصاعد الحرب التجارية الأميركية، واتجاه الفيدرالي الأميركي لرفع أسعار الفائدة لمرة أو مرتين خلال وقت لاحق من العام الجاري.

وقالت أيضاً، إن رفع الفائدة الأميركية يزيد توجه المستثمرين نحو السوق الأميركية، والتخارج من شراء أدوات الدين في الأسواق الناشئة.

ولفتت سعيد إلى دور الأرجنتين، التي طرحت أدوات دين بفائدة تفوق 40% في دفع تخارج الاستثمارات الأجنبية من أدوات الدين المصرية.

رفع الفائدة

من جانبه، يتوقع أستاذ الاستثمار والتمويل محمد حلمي، استمرار خروج استثمارات الأجانب من أدوات الدين المصرية، خاصة في حال عدم إقدام المركزي على رفع الفائدة مجددًا.

وكان المركزي المصري رفع أسعار الفائدة الأساسية بنسبة 7% على ثلاث مرات، منذ تعويم الجنيه إلى 18.75% للإيداع و19.75% للإقراض؛ لكبح التضخم ودعم القدرة الشرائية للجنيه، قبل أن يخفضها اعتباراً من منتصف فبراير الماضي.

ويتوقع حلمي أن ينعكس تخارج المستثمرين، سلبًا على قيمة الجنيه أمام الدولار في الفترة المقبلة، في حال عدم نجاح الحكومة المصرية بجذب حصيلة دولارية وفيرة من الخارج.

وقالت وكالة "فيتش" في بيانها الصادر أخيراً، إن العملة المصرية شهدت استقراراً أمام العملة الخضراء، بمتوسط 17.5 جنيها مقابل الدولار في الفترة بين يناير و يوليو 2018.

وأوضحت الوكالة أن العملة المصرية، انخفضت بنحو 1.3% منذ بداية مايو حتى نهاية يوليو 2018، ليصل الدولار إلى 17.90 جنيهًا، مما يشير إلى درجة من المرونة.

وعادةً ما يقول المسؤولون المصريون إن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية ستبقى في البلاد، بفضل تحسن بيانات الائتمان والسيولة العالمية المتصاعدة.

يذكر أن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية بلغت نحو 30 مليار دولار في عام 2010.

ويقول معهد التمويل الدولي ومقره واشنطن، في تقرير حديث، إن أسواق مصر وجنوب أفريقيا وإندونيسيا ولبنان وكولومبيا تقع جميعها في منطقة الخطر، بفعل التدفقات النقدية التي دخلت تلك الدول في فترة زمنية قصيرة.

ويضيف التقرير أن الأموال الساخنة التي ضخها تجار الفائدة بوتيرة مرتفعة، وفي فترة زمنية وجيزة، تجعل تلك الدول أكثر عرضة للمخاطر التي تحيط بالأسواق الناشئة.