+A
A-

واشنطن متفاهمة مع بوتين على خروج إيران من سوريا

تقف الولايات المتحدة أمام منعطف جديد في سياستها تجاه سوريا، فقد أعلنت تعيين السفير جيمس جيفري مبعوثاً يهتم بالاتصال مع المجموعة الدولية، ومهمته الإعداد للدخول في العملية السياسية، كما نقلت الإدارة الضابط السابق جو رايبورن من مجلس الأمن القومي إلى وزارة الخارجية، ليكون مبعوثاً خاصاً لسوريا.

طرد إيران من سوريا

سبق الإعلان عن التعيين، بيان صدر عن وزارة الخارجية يتحدّث عن المشاركات المالية للسعودية والإمارات ودول أخرى في ميزانية الاستقرار في سوريا، وأشار البيان إلى التزام الولايات المتحدة بأهداف استراتيجية في سوريا، وقال إن الرئيس ترمب أعلن عن الالتزام بالبقاء في سوريا إلى حين القضاء "المستديم" على تنظيم "داعش"، وأن الولايات المتحدة تعمل "على ضمان انسحاب القوات الإيرانية وحلفائها" من سوريا.

هذا البيان الرسمي الأميركي ينبع من قناعة ثابتة لدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب أولاً بضرورة إخراج إيران من الدول العربية وثانياً بأن خروج القوات الأميركية من سوريا على عجل أو قريباً سيكون خطوة سيئة، وسيفتح المجال أمام طهران لإبقاء قواتها والميليشيات الموالية لها في العراق وسوريا ولبنان.

فالولايات المتحدة تريد قطع الطريق على إيران، وعملت من خلال نزول قواتها مع قوات سوريا الديمقراطية إلى منطقة البوكمال السورية على كسر الجسر الذي تبنيه إيران بين طهران وبيروت، مروراً ببغداد ودير الزور ودمشق، وينظر الأميركيون بحذر شديد الى خطورة تثبيت إيران لقواتها وتحالفاتها في هذه الدول.

بوتين موافق

لا يرى الأميركيون أن إيران لديها أي نيّة للانسحاب، لكنهم يعتبرون أن لديهم إمكانية للنجاح في المهمة، خصوصاً أن الرئيس الروسي متوافق مع الأميركيين على ذلك، ويعتبر الأميركيون أن بوتين وإيران لديهما مصالح مختلفة في سوريا وأن بوتين يرى مخاطر وجود إيران في الدول العربية بما في ذلك سوريا واليمن، وأن الرئيس الروسي أبلغ الأميركيين هذا الموقف قبل وخلال قمة هلسنكي.

وبحسب مسؤول بالبيت الأبيض، فإن سوريا كانت الموضوع الأطول في النقاشات بين الرئيسين ترمب وبوتين وكبار مستشاريهما في هلسنكي. وقد بدأت هذه المباحثات قبل ذلك بثلاثة أسابيع، حين التقى مستشار ترمب للأمن القومي جون بولتون مع الرئيس بوتين في موسكو بغرض التحضير للقمة، بحسب مصدر مقرب من تلك الاجتماعات.

وقال الرئيس الروسي إنه أيضاً لا يريد الإيرانيين في سوريا، لكنه غير متأكد إن كانت روسيا تستطيع إخراجهم.

وقال مسؤول البيت الأبيض: "بدت هذه ملاحظة صحيحة"، مضيفاً: "أصبح الأمر صعباً بالنسبة لإيران أن تحافظ على وجودها في سوريا، نظراً للتداعيات الاقتصادية التي تسببت بها العقوبات (الأميركية). إن الخطر العسكري الذي يشكلونه في سوريا يدعو للقلق بكل مكان في المنطقة".

خلال الإعلان عن التعيينات الجديدة في وزارة الخارجية أشار البيان إلى أن جو رايبورن، الذي أصبح نائب مساعد وزير الخارجية سيكون المبعوث الخاص لسوريا، وسينسق العمل على الأرض وسيكون من مهماته "مواجهة حزب الله وبناء حكومة قوية في لبنان" وتنسيق العمل مع الأردن.

يبدو هذا التعيين وهذه المهمة مؤشّرا آخر على اهتمام الأميركيين بمكافحة وجود إيران وحلفائها وميليشياتها في سوريا ولبنان، وهي الآن تعمل أكثر على تنسيق أعمالها ونشاطاتها لتحقيق هذه المهمة.

التنسيق مع الروس

ينظر الأميركيون الآن إلى المرحلة المقبلة من باب التوصل إلى تفاهمات على الخطوات مع روسيا ومع الحلفاء الأوروبيين وما زالوا يصرّون على أن دحر "داعش" وخروج إيران وميليشياتها لن يحدث إلا من خلال تقدّم باتجاه حلّ سياسي للصراع في سوريا على أساس القرار 2254، لذلك سيعمل السفير جيفري على إحياء العملية السياسية بالتنسيق مع الأمم المتحدة وبرعايتها كما تمّ التوافق عليه سابقاً.

إلى ذلك، سيكون موضوع سوريا وإيران في صلب محادثات مستشار الأمن القومي جون بولتون خلال زيارته إلى كل من إسرائيل وجنيف، فهو سيلتقي في سويسرا نظيره الروسي ويتابع معه ما بدأه الرئيسان ترمب وبوتين في هلسنكي، خصوصاً أن موضوع سوريا أخذ الحيّز الأكبر من المحادثات الأميركية الروسية وشمل القضاء على "داعش" والمسار السياسي وإيران والوضع الإنساني وعدم استعمال الأسلحة الكيمياوية مرة أخرى.