+A
A-

روحاني تحت الضغط.. هل يضطر للتفاوض مجدداً؟

يتعرض الرئيس الإيراني لضغوط كبيرة داخلياً وخارجياً، سواء من قبل الشارع المحتج على موجة الغلاء والتدهور المعيشي وكذلك ضغوط الأجنحة المنافسة له أو بالنسبة للعقوبات الأميركية ومحاولة إنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي وتجنب العزلة الدولية الخانقة.

ففي الداخل يضغط المرشد الإيراني علي خامنئي على روحاني ويطالبه بمواجه الفساد الذي يعود الجزء الأكبر منه لاختلاسات وعمليات النهب التي يقوم بها أتباع المرشد ومقربوه وخاصة رجال الدين المتنفذين، وكذلك قادة وأجهزة وشركات الحرس الثوري.

هذا بينما طالب قائد الحرس الثوري، روحاني بالتركيز على إنقاذ العملة الإيرانية المنهارة، بينما استدعى قسم كبير من أعضاء البرلمان روحاني لمساءلته بشأن الاقتصاد المتهالك بعد حوالي أسبوعين.

الأجنحة المتصارعة

بيد أن أياً من الأجنحة الإيرانية المتصارعة فيما بينها والتي تضغط على روحاني ليس لديها أية حلول لكيفية تخفيف الشعور المتنامي باليأس والغضب في الشارع الإيراني.

وأدت العقوبات الجديدة التي تتضمن حظر شراء الدولار من قبل إيران وتمنع تجارة الذهب والمعادن والسيارات، إلى انهيار قياسي في قيمة الريال مجدداً، حيث انخفضت بنسبة 70% منذ أيار/مايو الماضي وبلغ سعر الدولار 110 آلاف ريال الأحد.

وفشلت محاولات الحكومة الإيرانية لتثبيت العملة عن طريق ربطها بسعر محدد للدولار بقيمة 42 ألف ريال، حيث أتت بنتائج عكسية وانتهى بها الأمر إلى تسريع الانهيار.

ومع ذلك، فإن الصدمة الكبرى ستكون في نوفمبر المقبل، عندما تعيد الولايات المتحدة فرض عقوبات على صناعة النفط الإيرانية، وهي شريان الحياة في الاقتصاد الايراني.

هل سيفاوض روحاني مجدداً؟

يمر الرئيس الإيراني حسن روحاني، رجل الدين القادم من المؤسسة الأمنية، والبالغ من العمر 69 عاماً، بأوقات عصيبة في ظل العرض الأميركي للتفاوض مجدداً، والرضوخ للشروط واشنطن الـ 12 أو مواجهة المتشددين والحرس الثوري الذين يرون بأن التفاوض وتنفيذ شروط أميركا يعني سقوط النظام.

وكان روحاني قد فاز بولاية ثانية لأربع سنوات في مايو 2017، لوعوده بإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية عقب نجاح حكومته في التفاوض لإبرام الاتفاق النووي عام 2015. ووعد روحاني بجلب الاستثمار الأجنبي والقفزة اقتصادية وإخراج إيران من العزلة ورفع القمع الداخلي وإطلاق الحريات، لكن أياً من هذه الوعود لم تتحقق بل أصبحت مواقفه أكثر تشدداً وبات يطلق تصريحات بتهديد الملاحة تارة، وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية وزيادة التدخل العسكري الإقليمي تارة أخرى.

وبعد مرور ثلاث سنوات على توقيع الاتفاق النووي، لم تتم أية عمليات تنمية داخلية أو استقطاب الاستثمارات الخارجية، بل إن إنفاق إيران على التدخلات الخارجية ودعم الإرهاب والميليشيات قد ازداد.

وكان روحاني قال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي يوم 6 أغسطس إن الولايات المتحدة يجب أن تعود للاتفاق النووي وأن ترفع العقوبات قبل أن يوافق على أي مفاوضات.

واعتبر مراقبون موقف روحاني إزاء عرض واشنطن للتفاوض بأنه "مرتبك" وينم عن انقسام داخلي وعدم وجود "استراتيجية متماسكة" للتعامل مع العرض الذكي الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

فقدان استراتيجية

وقال سعيد ليلاز، وهو خبير اقتصادي مؤيد للإصلاحيين ويقدم المشورة لحكومة روحاني، إن القادة الإيرانيين يتعاملون مع الأزمات فور حدوثها وليس لديهم استراتيجية عامة.

ورأى ليلاز في تصريحات لموقع "بلومبيرغ" أن "الناس فقدوا ثقتهم بالحكومة، ويبحثون عن الكفاءات ولا يهتمون إذا ما كان من سيأتي من الرجال ذوي اللحى أو مرتدي ربطة العنق".

وقال ليلاز إن روحاني يجد نفسه الآن على أرض محفوفة بالمخاطر حيث على يمينه يواجه ضغوطاً من رجال الدين المحافظين الذين كانوا ينتقدون الاتفاق النووي منذ البداية وعلى يساره لوم واستياء على عدم قيامه بإصلاح النظام السياسي أو الاقتصادي، منذ نجاح الاتفاق النووي.

جيش العاطلين العمل

بالرغم من إحراز روحاني تقدماً اقتصادياً بعض الشيء، فقد ارتفعت صادرات النفط - على سبيل المثال - منذ إبرام الاتفاق النووي، ولكن لم يتم خلق فرص العمل في بلد أكثر من 60% من سكانه تحت سن الثلاثين.

ونقلت بلومبيرغ" عن أنيسة بصيري تبريزي، الباحثة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن قولها إن القادة الإيرانيين يدركون أنه "لا يوجد بديل حقيقي" لحكومة روحاني للسنوات الثلاث المقبلة.

كما نقل عن أمير هاندجاني، وهو باحث في معهد "أتلانتيك" أن هذه الأزمة في الواقع ستؤدي إلى تقوية روحاني محلياً، مع توحيد النخب السياسية ضد الولايات المتحدة لضمان بقاء النظام.

وأضاف "لقد انتكس روحاني، لكن الآن لا يوجد إصلاحي أو متشدد، فهم جميعاً في نفس القارب، وليس هذا وقتاً للجدال حول على من يقع اللوم ليس الآن، حيث لا يمكنهم لعب سياسة تافهة".

ومع بدء العقوبات وانسحاب عشرات الشركات العالمية من إيران خوفاً من الجزاءات الأميركية وقطع النظام المالي الدولي عن إيران بات قادة طهران يلجؤون إلى التهديد.

استمرار الاحتجاجات

هذا في حين استمرت الاحتجاجات خلال الأسابيع القليلة الماضية، ضد انقطاع التيار الكهربائي ونقص المياه الصالحة للشرب وارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 50%.

كما قتل متظاهر واعتقل 20 خلال احتجاجات في كرج جنوب غربي طهران في 3 أغسطس الجاري.

وفي مدينة اشتهارد قام حوالي 500 شخص بتكسر نوافذ مدرسة دينية بالحجارة والطوب وحاولوا إحراق المبنى كاحتجاج على سلطة رجال الدين الذين يطالب المحتجون برحيل نظامهم.