العدد 3588
السبت 11 أغسطس 2018
banner
في تصويب الرمي...
السبت 11 أغسطس 2018

تلعن إيران الساعة التي انتُخب فيها دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة! ومعها حق تام في ذلك وفي أكثر منه، خصوصاً أنّ الرجل الآتي من عالم المال والأعمال إلى أخطر منصب في العالم، أثبت أنّه يقدّم أداء محسوباً على المسطرة! ويقيس الأمور والمواقف مثلما يقيس التاجر أرباحه وخسائره ويتصرّف استناداً إلى النتيجة.. ولا شيء آخر.

وفي هذا العالم الرقمي لا مجال للاستطراد، الأرقام جليدية ولا تذيبها التمنيات، والحقائق الحسابية ناشفة ولا ترطّبها أو تخفّف منها ردحيّات دخيلة ذات صلة ما بالمُثل العليا أو السفلى! ورئيس أميركا وظيفته الأولى أن يحافظ على مصالح أميركا وريادتها وأولوياتها بغضّ النظر عن الحواشي أكانت هذه تتعلّق بحلفاء أو أصدقاء أو خصوم أو أعداء... لكن “الموضوع” ليس ترامب، إنما فلاديمير بوتين.

إيران تواجه الرئيس ترامب في النتيجة، لكنّها في الأسباب الموصلة إلى هذه النتيجة وإلى غيرها (في سوريا مثلاً!) عليها أن تواجه الرئيس الروسي الذي يُقال (والقول قضية كبرى في واشنطن) إنّه ساهم مساهمة حقيقية في التدخل لتعديل مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية لمصلحة المرشح الجمهوري ضد المرشّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون!

ومازلت أتذكر مثلما يتذكر غيري، أنّ “الجماعة الممانعة” ولأسباب لها علاقة بالوضع السوري أساساً، “زغردت” فرحة لهزيمة كلينتون! وتنفّست الصعداء لوصول “صديق” بوتين إلى البيت الأبيض! باعتبار أن المرشّحة الديمقراطية كانت صاحبة برنامج عمل لا يسرّ خاطر رئيس سوريا السابق بشّار الأسد وحُماته! وهي استقالت من منصبها كوزيرة خارجية لأسباب عدّة منها اختلافها الشديد مع رئيسها السيّئ الذكر باراك أوباما و”أسلوبه” في مقاربة النكبة السورية وإفرازاتها، بل هي حكت علناً عن أنّ “داعش” هو أحد إفرازات السياسة السيّئة لأوباما تجاه الأسد وجرائمه الكيماوية وتجاه إيران على حدّ سواء! ويُضاف إلى ذلك، أنّها كانت تملك برنامجاً واضحاً إزاء الروس يتناسق مع المألوف التاريخي للسياسة الأميركية، ومع المستجدات التي طرأت مع بوتين، أكان لجهة ضمّ شبه جزيرة القرم أو التدخل في شرق أوكرانيا، أو مشاريعه “المعلّقة” إزاء دول البلطيق الثلاث! أو إزاء الاتحاد الأوروبي في الإجمال، حتى أنها لم تتردّد مرّة في وصف بوتين بأنه “هتلر صغير”.

لم “تفرح” إيران كثيراً بخسارة كلينتون، ولم تخفِ توجّسها من وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وهي كانت السبّاقة إلى التحذير من أنها لن تتردد في تمزيق الاتفاق النووي إذا وضع ترامب مواقفه موضع التطبيق، الأرجح أنها راهنت على تدخّل “حليفها” الروسي لردع “عدوّها” الأميركي، قبل أن يتبيّن أنها خسرت الرهان، أي أن المصدر الأولى بمصيبتها في ترامب، هو بوتين. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية