العدد 3556
الثلاثاء 10 يوليو 2018
banner
الديون السيادية... والاستشارة الأميركية
الثلاثاء 10 يوليو 2018

عاودت أزمة الدين العام أو ما يعرف بالديون السيادية لمملكة البحرين الظهور على “سطح” منصات الإعلام المحلية والدولية، وجاءت مدفوعة بمخاوف بعضها مشروع وبعضها الآخر غير مشروع و”مفتعل”، ويهدف للتشكيك في قدرتنا على سدادها فقط، وبعيدا عن النوايا الحسنة أو الخبيثة من الطرح، فإن إيجاد خطة لمعالجة الدين العام ووقف تفاقمه مطلب جميع البحرينيين على مستوى العامة والنخب، فقد ظل مجلس النواب مثلا يطالب وزير المالية بهذه الخطة في كل مرة يحضر إلى قبة البرلمان مطالبا برفع سقف الاستدانة المسموح إلى مستوى جديد أعلى.

غير أن تعاطي وزارة المالية لا يرتقي لأهمية الحدث لغاية اللحظة، بل يبدو من خلال قراءة خطوات الوزارة أنها رفعت “الراية البيضاء” وأعلنت عجزها عن إيجاد “الخطة المرجوة” وذلك عبر إسنادها الملف إلى شركة أميركية متخصصة في إدارة الأصول والاستشارات المالية وتدعى “لازارد”.

وبحسب المعلومات التي كشف عنها مجلس المناقصات في أبريل 2017، فإن وزارة المالية تقدمت بمناقصة لتكليف هذه الشركة (Lazard) لتطوير استراتيجية إدارة الدين العام، ولم تظهر البيانات المعلنة وجود أية شركة أخرى دخلت السباق مع الشركة الأميركية، وأسجل في هذا المقال مجموعة من الملاحظات إزاء الخطوة.

أولا: إن البيانات المعلنة لم تتضمن أية إشارة إلى المبلغ الذي تقدمت به الشركة في عرضها لمجلس المناقصات، وهو مبدأ أساس من مبادئ الشفافية المطلوبة في الأوقات “السمان والعجاف”، فمن حق البحرينيين أن يعرفوا التكلفة واجبة السداد نظير تقديم الاستشارة أو الخطة المرجوة.

ثانياً: بعد مرور أكثر من عام على ترسية المناقصة، لم تصل لعامة البحرينيين أية إرهاصات أو ملامح بشأن التوصيات أو الملاحظات أو الخطوات المحتملة، وكل ما يصدر هو بمثابة تسريبات لوكالات الأنباء الأجنبية، ولا يتعدى أن “العمل جاري”. ثالثاً: أرى في طلب الاستشارة من شركة أجنبية “أيا كانت جنسيتها” بغرض إيجاد حلول لمشاكلنا وأزماتنا المحلية توجها غير موفقٍ بالمرة، فالأجانب ومهما بلغت خبراتهم ودرايتهم بإدارة الأصول والاستثمارات والديون، لا يملكون فهما لأساسيات الفسيفساء المكونة لمجتمعنا وواقعنا، وهناك العشرات من الأمثلة السابقة لشركات حضرت للبحرين ودرست وأوصت، ومن ثم ذهبت توصيتها أدراج الرياح لعدم إمكانية مواءمتها مع الواقع “ماكنزي أنموذجا”.

رابعاً: إن شركة الاستشارات “لازارد” - ولكونها شركة أجنبية - لا تدرك “الخطوط الحمراء” ولا “الصفراء” لدى مجتمعنا البحريني، وبالتالي فإن اقتراح خطوات تقشفية لتقليص النفقات قد يمس هذه الخطوط، وهو أمر وارد إلى حد كبير، ونحن نحذر منه من الآن.

ختاما، أود عبر هذا المقال بما يحمله من هواجس، أن أجدد ثقتي بقدرة وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة على قيادة مشاورات محلية تقودنا لبلوغ حل نواجه به أزمة عجز الموازنة العامة والديون السيادية، وأطالب بمزيد من الجدية والشفافية في هذا الإطار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .