العدد 3547
الأحد 01 يوليو 2018
banner
بنك الوقت السويسري
الأحد 01 يوليو 2018

لطالما لعب الوقت دوراً حيوياً في حياة البشر، وهو العامل الأكثر تأثيرا بلا شك أو ريب، ولا نبيح سرا إذا قلنا إن الوقت هو الذي جعل اليابان مثلا تتقدم وتنافس دول العالم المتحضر، فقد أعادت بناء نفسها في وقتٍ قياسي وبذلك ربحت الكثير من الوقت واستخدمته للبناء والتنمية، بينما الوقتُ في بعضِ دول العالم الثالث لا تقديرَ له، فهو يأتي ويروح من غيرِ اكتراث.

قالت لي إحدى الزميلات إن الأمر مختلف جدا في بلاد الغرب، فالوقتُ هناك له تقديرُ خاص، وروت لي قصة ذلك الطالب العربي الذي كان يسكن في غرفة عند امرأة عمرها 67 سنة، تلك المرأة كانت مدرسة قبل تقاعدها وهي تستلم راتبا تقاعديا مجزيا، لكنه رآها تذهب للعمل مرتين في الأسبوع، عملها كان لرعاية مسنين، وكانت ترعى مسنا عمره 87 سنة، أبدى الشاب عجبه مما تفعل وسألها إن كانت تعمل لكسب المال، فقالت إنها لا تعمل لأجل المال بل لتكسب الوقت، وإنها تودع لنفسها وقتا في بنك توفير الوقت أو بنك الزمن، وهي بعملها ذلك تودع الزمن لكي تستطيع الصرف منه عندما تحتاج له في كبرها أو عندما تصاب بحادث وتحتاج من يساعدها، وقالت له إن الحكومة السويسرية أنشأت ذلك البنك كضمان اجتماعي للناس، حيث يفتح كل راغب في الاشتراك فيه حساب زمن، ويحسب له الزمن الذي يقضيه في الخدمة الاجتماعية، ويشترط في المشترك أن يكون سليما صحيا وقادرا على العطاء والتواصل مع الآخرين والتحمل وراغبا في تقديم الخدمات، وعندما يحتاج الشخص مساعدة يرسل له البنك شخصا متطوعا ممن اشتركوا في البنك ليخدمه ويخصم الوقت من حسابه، الخدمات التي يقدمها المتطوع إما أن تقدم للمحتاج في المستشفى أو البيت، كأن يرافق المحتاج للتسوق أو لمساعدته في تنظيف منزله، في أحد الأيام احتاجت تلك المرأة مساعدة عندما سقطت أثناء تنظيف نافذتها وكسرت كاحل قدمها، فجاءها مساعد عينه البنك وكان يرعاها ويتحدث معها ويرافقها ويقضي لها بعض حاجياتها من السوق، وأرسل لها البنك ممرضة عندما احتاجت ذلك، وبعد أن تعافت من الكسر عادت للعمل مرتين في الأسبوع لتعويض ما خسرته من وقت.

فكرة جميلة جدا ومفيدة ويمكن تطبيقها في كل مجتمع من المجتمعات لكنها تتطلب انضباطا وإحساسا بالمسؤولية وإخلاصا في أداء العمل مع إدارة جادة وحريصة على الناس والمجتمع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية