+A
A-

"الإدارية" توقف قرارًا منع طبيب من مزاولة مهنته لمدة سنة واحدة

أمرت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) بحكم قضائي في شق مستعجل بإيقاف تنفيذ قرار صادر في وقت سابق من لجنة التأديب بالتراخيص الطبية، تقرر على إثره إيقاف المدعي -طبيب- عن العمل لمدة سنة واحدة، على اعتبار كونه متهما بارتكاب مخالفات طبية بحق سيدة أجرى لها عملية إجهاض وربط عنق في يوم واحد ما تسبب بالتأثير سلبا على صحتها، مع ما يترتب على القرار من آثار، خصوصا وأن أعضاء لجنة التحقيق منافسين للمدعي في مجاله ولا يتمتعون بذات خبراته، حسب ما ورد بلائحة دعواه، وقررت تأجيل القضية حتى جلسة 26 سبتمبر القادم؛ وذلك للنظر في موضوع الدعوى.

وأوضحت المحكمة أن اللجنة رفضت الاستماع لشهود النفي الذين قدمهم المدعي، مما يعتبر إخلالا بحق الطبيب في الدفاع، كما لم تقدم ثمة مستند يفيد ثبوت خطأه في علاج المريضة المشار إليها، إضافة إلى أنها لم تقدم أية أوراق أو تقارير طبية تثبت علاقة المدعي بالمضاعفات التي حدثت للمريضة إثر توجهها إلى مستشفى السلمانية.

وتتمثل وقائع القضية حسب حكم المحكمة في أن الطبيب المدعي كان قد تقدم بلائحة دعوى طلب فيها بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون عليه، والذي تقرر فيه وقفه عن العمل لمدة سنة واحدة، لحين الفصل في الموضوع، وبإلغاء ذلك القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطيا إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات انتفاء أي خطأ في جانب المدعي، وندب الطبيب الشرعي خبيرا في الدعوى لإثبات انتفاء أي خطأ في جانب المدعي، وإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وأفاد المدعي شرحا لدعواه أنه بناء على الشكوى المقدمة من زوج المريضة فقد صدر قرار بإحالته إلى لجنة التراخيص الطبية بهيئة مجلس تأديب للتحقيق معه في شأن المخالفات المنسوبة إليه، بعدم مراعاته المدة المتعارف عليها عالميا فيما بين الحمل، وعدم تبصيره المريضة، بالمخاطر المرتبطة بتكرار الحمل بعد مرور فترة قصيرة من ولادتها، وقيامه بإجراء عملية ربط عنق الرحم بعد إجراء عملية الإجهاض وذلك خلال جلسة واحدة مما أثر سلبا على سلامة المريضة، وإخفاقه في تشخيص علامات تعرض المريضة للإجهاض.

وقال إنه مثل أمام مجلس التأديب وتمسك بعدة طلبات قوبلت بالرفض، في إخلال صارخ بحقوق الدفاع وعدم الالتزام بالضمانات الواجب توافرها في التحقيق، حيث أصدرت اللجنة القرار بتاريخ 27 مارس 2018 بوقفه عن العمل لمدة سنة واحدة عن مخالفات إجراء عملية ربط عنق الرحم دون الحاجة الطبية لذلك، وإخفاقه في تشخيص علامات تعرض المريضة للإجهاض.

وتقدم وكيل المدعي بعدة دفوع تمثلت في مخالفة القرار لأحكام القانون على سند من القول بأنه لم يتم الاستجابة لطلباته أثناء مثوله للتحقيق، حيث قوبلت جميعها بالرفض مما يشكل إخلالا بحقه في الدفاع، فضلا عن أن أعضاء لجنة التأديب هم من المنافسين له في ذات مجال تخصصه، ولا يتمتعون بالخبرة اللازمة في عمليات تقليص الأجنة مما يقدح في حيدتها.

وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها في الشق المستعجل إلى أن المادة (5) من المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان تنص على أنه "تشكل بقرار من وزير الصحة، لجنة للنظر في طلبات ترخيص مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان وذلك بعد التحقق من الشهادات العلمية لطالب الترخيص، والتأكد من كفايته المهنية، وكذلك فحص طلبات الترخيص لفتح عيادات خاصة للأطباء، أو طلبات نقل تلك العيادات، ومباشرة الاختصاصات الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون، وذلك طبقا للنظم والاشتراطات التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة".

كما تنص المادة (27) من ذات المرسوم على أنه "لا يكون الطبيب مسؤولا عن الحالة التي وصل إليها المريض، إذا تبين أنه بذل العناية اللازمة، ولجأ إلى جميع الوسائل التي يستطيعها من كان في مثل ظروفه لتشخيص المرض وعلاج المريض، ولكنه يكون مسؤولا في الأحوال التالية:

أ - إذا ارتكب خطأ أدى إلى الأضرار بالمريض نتيجة الجهل بأمور فنية أو عملية يفترض في كل طبيب الإلمام بها.

ب - إذا لحق ضرر بالمريض نتيجة  لإهمال الطبيب أو تقصيره  في العناية به.

ج - إذا أجرى على مرضاه تجارب أو أبحاثا علمية غير معتمدة من قبل وزارة الصحة، وترتب على ذلك الإضرار بهم.

وتختص اللجنة المنصوص عليها بالمادة (5) من هذا القانون بتقرير حدوث الأخطاء المشار إليها".

كما تنص المادة (30) من المرسوم ذاته على أنه "مع عدم الإخلال بالمسؤولية الجزائية أو المدنية، تتولى اللجنة المشار إليها في المادة (5) من هذا القانون، المحاكمة التأديبية للمرخص لهم في ممارسة المهنة، وذلك فيما يرتكبون من مخالفات لأحكام هذا القانون، أو لأصول ومقتضيات وآداب المهنة.

وترفع الدعوى التأديبية بقرار من وكيل وزارة الصحة، ويخطر المخالف للحضور أمام اللجنة بموجب خطاب مسجل قبل الموعد المحدد لانعقاد جلسة اللجنة بأسبوع على الأقل، ويبين في الخطاب المخالفات المنسوبة إليه، وتاريخ انعقاد اللجنة ومكانها.

ويجوز في بعض الحالات الخاصة، الاستدعاء الفوري للمخالف للمثول أمام اللجنة والتحقيق معه في المخالفات المنسوبة إليه.

وعلى اللجنة أن تحقق في التهم المنسوبة إلى المخالف، أو أن تنتدب لذلك أحد أعضائها، ويكون للجنة أو لمن تنتدبه للتحقيق من نفسها أو بناء على طلب المخالف، أن تكلف الشهود بالحضور لسماع أقوالهم، ويجوز للمخالف أن يبدى دفاعه شفويا أو كتابة .

وأكدت المحكمة على أن مفاد ما تقدم، أن المشرع أناط باللجنة التأديبية للمرخص لهم بمزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان، المشار إليها، مباشرة الاختصاصات المخولة لها بموجب المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان؛ حيث خولها الاختصاص بتقرير الأخطاء المهنية للمرخص لهم في ممارسة مهنة الطب البشري وطب الأسنان، والمساءلة التأديبية للمرخص لهم حول مدى حدوث أخطاء طبية والتحقيق مع المخالف في التهم المنسوبة إليه وتوقيع العقوبة المناسبة عليه، والتي لا تكون نافذة إلا بعد اعتمادها من المجلس الأعلى للصحة أو بعدم اعتراضه عليها خلال 30 يوما من تاريخ إبلاغه بها.

وتابعت، أنه من المستقر عليه أن اللجنة التأديبية للمرخص لهم بمزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان هي الجهة الفنية التي خولها المشرع سلطة تقرير الأخطاء المهنية للمرخص لهم، ولا معقب عليها من القضاء في ممارستها ما دامت لم تسيء استعمالها ولم تنحرف بها إلى غاية أخرى غير المصلحة العامة.

ولفتت إلى أنه من المقرر في التشريعات التي تنظم تأديب العاملين المدنيين بالدولة - كأصل عام - ضرورة أن يستوفي التحقيق مع العامل المقومات الأساسية التي يجب توافرها في التحقيقات عموما وأخصها توفير الضمانات التي تكفل للعامل الإحاطة بالاتهام الموجه إليه وإبداء دفاعه وتقديم الأدلة وسماع الشهود، وما إلى ذلك من وسائل تحقيق الدفاع إثباتا ونفيا، وذلك حتى يتسنى الاطمئنان إلى صحة الوقائع المستوجبة للجزاء وتمكين القضاء من بسط رقابته على قيامها من عدمه.

وانتهت إلى القول أنه لما كان ما تقدم، وكان البادي من ظاهر الأوراق - وبالقدر اللازم للفصل في الطلب المستعجل أن اللجنة التأديبية للمرخص لهم بمزاولة مهنة الطب البشري قد قامت بإجراء التحقيق مع المدعي في المخالفات المنسوبة إليه، وحضر المدعي وطلب من لجنة التحقيق إثبات أسماء شهود النفي حتى يتمكن من تحقيق دفاعه، إلا أن اللجنة التفتت عن ذلك ولم تستمع إلى شهود المدعي، وأصدرت القرار المطعون عليه بوقفه عن العمل لمدة سنة، مما يشكل إخلالا بحقه في الدفاع.

كما خلت الأوراق من ثمة مستند يفيد ثبوت خطأ المدعي في علاج المريضة، المذكورة، حيث أفادت الجهة الإدارية بأن المريضة قامت باستكمال علاجها لدى مستشفى السلمانية الطبي، ولم تقدم أية أوراق أو تقارير طبية تثبت علاقة المدعي بالمضاعفات التي حدثت للمريضة إثر توجهها إلى مستشفى السلمانية، الأمر الذي يغدو معه القرار المطعون عليه - والحالة هذه - مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة.