العدد 3526
الأحد 10 يونيو 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
في حضرة الكبرياء
الأحد 10 يونيو 2018

‎توسمتك طود عز، مجد كبرياء، صيرورة وجود، أفق علياء، خلود علو، وراية خفاقة للسلام.

شعر (في الحرب أنت المستحم من الدماء في السلم أنت التين والزيتون تكسو وأنت قطيفة مرقوعة، وتموت من جوع وأنت بطين) أيها العلوي، ولادة معجزة، ومسيرة قيم وأيقونة مثل، وخلود إنسانية. فلا عجب أن تقرأك الأمم المتحدة في تقريرها 2002، فتراك صوت العدالة الإنسانية للإنسان مهما ميز الإنسان لون أخيه بخنجر أو أحرق أصابع صاحبه لدين أو أطلق رصاص بندقيته على عرق.   ‎واستحم المسيحي جورج جرداق بعينك يرسم بكلماته شاطئك وموانئك بحروف من ذهب وألماس مخرجا من أعماق بحرك دررا وجواهر المعاني في (علي وسقراط)، صارخا باكتشافه الماسي على قمته الشاهقة صارخا: جلجل الحق في المسيحي حتى عد من فرط حبه علويا. شعر،

وعندما وصفك وصف المسيحي العاشق لعدالتك، وأنت تخط لمالك الأشتر والي مصر “ولا تكن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم كل حين”. وإذا كان «تولستوي» و«فولتير» و«غيتي» قد زرعوا على بوابة الفكر الأوربي قناديلهم من روح “رافييل”في صنيعه هذا، فإنّ العالم تعشقك روح الوجود تزحف لتصنع قلبا، ولتكتب جمال وجودها عدالة ودموع بشر تشظوا زجاجا بشريا ممزقا على خريطة العالم “ما جاع فقير إلا بما متع به غني وما رأيت نعمة إلا وإلى جانبها حق مضيع”.

‎لم تميز بين دم أزرق، ودم أسمر في الشفافية دستورا ومواثيق، وأنت الغاضب على أحد ولاتك “بلغني أنّك جرّدت الأرض فأخذت ما تحت قدميك، وأكلت ما تحت يديك فارفع إليّ حسابك”.

‎ماذا لو قرأتك الحروب رحمة تطير تنشر الهديل، ونسمة تلاطف الريح من الحرب الأهلية الإسبانية أو حرب الوردتين ببريطانيا أو الحرب الأهلية الأميركية أو في الحرب العالمية الثانية أو حروب المسلمين يأكل بعضهم بعضا كما قال نزار قباني: قبلاتهم عربية من ذا رأى  فيما رأى قبلا لها أنياب. شعر.

ماذا لو سمعوك تقرأ مزاميرك (لا تقاتلوهم حتى يبدأوكم، فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مدبراً، ولا تُصيبوا معوراً، ولا تُجهزوا على جريح، ولا تُهيِّجوا النساء بأذى). ورحت تنظر سوسيولوجيا للإنسان في قماشة العفة “لكاد العفيف أن يكون ملاكاً من الملائكة”. ‎وليت تجار الحروب الطائفية لم يمتشقوا سيوفهم، وتدثروا بالإنسانية وأنت توصي أحد ولاتك، مالك الأشتر يوم حكم مصر بأن يكون كل الخلق سواسية “فإنّهم إمّا أخٌ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق، أعطِهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ أن يعطيك الله من عفوه وصفحه”.

‎هي الدنيا، فما أحوجنا نحن المرضى بألف نرجسية ومازوخية وسادية وسيكوباتية لتوازن نفسيتك. فلو أنا زرعنا عليا لوحة بيكاسو ولوركا و دافينشي وفان جوخ صورا للجمال والتراجيديا لكان للوجود وجوه أخرى.

‎لله درك يا جرداق معاتبا دنيا صنعت الرأسمالية المتوحشة والعولمة القاتلة وبخلت بإعطاء صور لعلي آخر “وماذا عليكِ يا دنيا لو حشّدتِ قواكِ، فأعطيتِ في كلّ زمن عليّاً بعقله وقلبه ولسانه وذي فقاره؟! ‎وكنت أنت علي الإنسان توزع الحقوق سنديانا وشجر ياسمين، وسبقت جان جاك روسو في ترسيخ الحريات، وآدم سميث في خطر الاحتكار وأنت تحذر الأشتر، “وذلك باب مضرّة للعامّة، فامنع الاحتكار”! فإذا كانت الثورة الفرنسية أسست مبادئ العدالة والإخاء والحريّة، فأنت أسست حقوق فوق ذلك حقوق الحيوان “أرفق بالبهائم، ولا توقف عليها أحمالها، ولا تسقى بلجمها، ولا تحمل فوق طاقتها “. “فأوعز إليه ألا يحول بين ناقة وبين فصيلها، ولا يمصر لبنها، فيضر ذلك بوليدها”، فمن يفكر في حق وليد الدابة في إبقاء لبنها كيف حاله في حق الإنسان.

‎عالم الاجتماع الكبير على الوردي نظر سوسيولوجيا في كتابه (مهزلة العقل البشري) لأفكار علي، فأين نحن من ذلك. وتعالوا نقرأ مشاريع الفلسفة العرب كمحمد أركون  والجابري وجورج طرابيشي، وفيما قرأوه في علي أو الأدباء كطه حسين في كتابه (علي وبنوه) أو الشرقاوي في مسرحياته لنغرف من نميره. أو بولس السلامة.

‎قرأت لأوسكار وإياد، وشعر رامبو الفرنسي، أو بولدير، وتولستوي ولأشهر روائيي أمريكا اللاتينية، الذين حصلوا على جائزة نوبل في الأدب، بدايةً من جابرييل جارسيا ماركيز، إلى ميجل أنخل أستورياس، وبابلو نيرودا، وغيرهم وأعجبت بأدبهم، غير أن نهج البلاغة أغرقني أدبا حتى أصبح كتابي اللصيق ويراعي متجولا في أوروبا وملازما لي في الطائرة والترحال. فلا أكتب في أمامي العظيم متعصبا، وهو فوق المذاهب فهو نبراس للإنسانية، فحتى الكتاب الغربيون صدموا من أطروحاته كالمستشرق “كارليل” والمستشرق الإنجليزي “روم لاندوR. Landau  والمستشرقة البولونية “يوجيناغيانه” والمفكر والفيلسوف الأمريكي” إمرسون” الذي كان بمثابة الأب الروحي لعملي لاستقلال أمريكا عن بريطانيا العظمى.

‎فقرأوا وصف (غوته) لعلي (عليه السلام) في كتابه (الشعر والحقيقة)، كما ذكرتها الأستاذة “كاترينا مومزن” أستاذه الأدب الألماني في جامعة ستانفورد الأمريكية في كتابها الكبير والرائع “غوته والعالم العربي “. إلى مجلدات جورج جرداق موسوعته الشهيرة «الإمام علي صوت العدالة الإنسانية» من خمسة مجلدات تحت عناوين : (عليّ وحقوق الإنسان)، (بين عليّ والثورة الفرنسية)، (عليّ وسقراط)، (عليّ وعصره)، (عليّ والقومية العربية)، ثم أتبعها بمجلد سادس. سلام عليك سيدي، وبوركت أمة فخرت بأنك فخر من تلد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية