لا يزال ابن البلد (المغلوب على أمره) تائهًا، لا يدل الطريق، ساس ذلك الظروف الاقتصادية الجاثمة على صدره، التي أكلت بفاتورتها القاسية الأخضر، واليابس، وزادت من وتيرة الديون، والغلاء، والرسوم، والضرائب، والقوانين الخشنة.

هذا الواقع المر، والاستثنائي، لا يمكن أن يصنف بالشبيه لسابقه، أو بالامتداد له، لأن الظروف (الكاوية) التي يجابهها المواطن يوميًّا، تصدح علانية بأنه لم تعد للدولة “خطوط حمراء” تصون بها الحد الأدنى من معيشته، بل قرارات جراحية، مسارها واحد.

قرارات تحمِّله مسؤولية إدارة شؤونه الخاصة، والتزاماته، بسياسة جديدة، تطوي بها الدولة النهج الريعي، وتفرض واقعًا جديدًا هو “الدولة الضرائبية”.

ويأخذنا هذا الواقع اليومي، لحجم التآكل المتسارع في ميزانية الأسرة الضعيف أصلاً، الذي يتناثر ما بين الاستقطاعات الحكومية المتنوعة، وجشع التجار، وطمعهم، واستخدامهم للوسائل المبتكرة لقضم أموال الناس، وأخذها بدون حق.

واقع يلزم المواطن البحريني بأن يعيد النظر لحساباته كلها، بلا أدنى تخطٍّ لأي منها، وأن يعيد مسك الورقة والقلم، ليكتب عليها أولويات جديدة، وكماليات جديدة، ويشطب أماني وأحلام، وتطلعات، بمرارة، ووجع، تمثلان واقعه الجديد، والقسري.