العدد 3521
الثلاثاء 05 يونيو 2018
banner
في “التوقيت”... والإذعان! (1)
الثلاثاء 05 يونيو 2018

تصل متأخرة دائماً عن موعدها، السياسة الإيرانية، حتى صارت عادةً مألوفة عند أصحابها رغم تكرار الفشل، وكأنّها لعبة تجريبية وليست حاسمة، ويُراهن لاعبها على الفوز ولو لمرّة واحدة ليطمئنّ أخيراً إلى أن مكابرته وعناده لم يذهبا هباءً، من قرار وقف الحرب مع العراق في 1988 وتجرّع كأس السمّ، إلى “المشروع النووي”، إلى الراهن اليمني والسوري تحديداً! سياق واحد لا يؤكّد سوى افتقاد صانع القرار الإيراني ملكة “التوقيت الصح” تبعاً لافتقاده المرونة الذهنية التي تعني أول ما تعنيه أخذ الواقع على ما هو عليه وتصغير الأحلام والأوهام تبعاً له وليس العكس!

وهذه الخاصيّة تعني عملياً، أن صانع القرار الإيراني يعرف نصف الحكاية: يعرف كيف يتقّدم ويهجم لكن لا يعرف كيف يتراجع ومَتَى يتراجع، وهذا يُضاف إلى الاستنتاج الكئيب بأن ذلك الصانع لا يستوعب سوى لغة القوة! وفيها على ما تدلّ الواقعات الراهنات المتفجرات الملتهبات في سوريا واليمن، شواهد مخزية، عدا اشتمالها على حقيقة موازية هي أن الاحترام لهذا المعطى لا يبرز ويظهر سوى أمام الأقوى! ولا ينزوي ويُرمى جانباً سوى أمام الأضعف!

قبل الاضطرار إلى تجرّع كأس الهزيمة في الحرب المريرة مع العراق التي استمرت ثماني سنوات وكلّفت أثماناً أسطورية بشرياً وماديّاً، طُرحت على طهران وعلى فترات متلاحقة ومن قبل وسطاء كُثُر، وبعضهم من أركان العرب وقادتهم، صيغ عدّة لوقف الحرب بما يحفظ ماء الوجه! ويُوقف نزف الثروات والأرواح بين المسلمين! ويُعيد الأمور إلى سابق عهدها الحدودي برّاً وبحراً! وأكثر من ذلك: عُرِضت أموال طائلة كتعويض عن الخسائر المُسجّلة! وكبادرة حُسْن نيّة باتجاه نظام الجمهورية الإسلامية... إلخ. لكنّ ذلك كلّه راح معْساً تحت أقدام الغريزة القتالية والثأرية، والأدلجة الساعية إلى “تثوير” المنطقة برمّتها! وطرد الأغراب منها! ورمي الصهاينة في البحر! وإعادة الفلسطينيين إلى أرضهم السليبة! لكن بعد أن استمرت الحرب وتعاظم النزف واستحال “الانتصار”، عاد صاحب القرار في طهران إلى الأرض وأقرّ بالهزيمة التامّة!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية