بعطر الطيب ووجوه باسمة تستقبل البحرين الشهر الفضيل، إذ يحرص أهل البلد سنويا على إقامة المجالس الرمضانية، التي تفتح أبوابها للجميع دون تمييز أحد عن آخر؛ فتجد الغني يجلس بجانب الفقير، وتسمع حديثا جانبيا بين مواطن بسيط ومسؤول كبير. الكل يبارك بحلول شهر البركة، ولا مجال لشيء آخر يمكن أن يتسلل إلى النفوس والقلوب غير الحب.

أمس الأول تشرفت بحضور مجلس نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة، حيث استشعرت هذه الأجواء الودية التي انعكست على وجوه الحاضرين، ودونت في عقلي بعض المشاهدات التي أود أن أشاركها مع القراء الأعزاء؛ ليلمسوا بعضا من خصال شعب البحرين الكريم.

البساطة والتواضع؛ فلا أحد يسأل القادم عن اسمه أو منصبه قبل دخوله المجلس، حيث يقف سمو نائب رئيس مجلس الوزراء لمصافحة كل من يحضر مجلس سموه، سواء أكان شيخا أو شابا، مواطنا أو مقيما، ويسأله عن أحواله ويهنئه بالمناسبة المباركة.

كرم الضيافة وحسن الوفادة؛ إذ يستقبل سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة الجميع في مجلس سموه الرمضاني بالقدر ذاته من المودة والترحاب، الكل سواسية لا فرق بين مسلم وغير مسلم، ولا بين شرقي وغربي، ولا بين سفير وموظف عادي؛ جميعهم يصطفون لمصافحة سموه، ثم يتلقون واجب الضيافة بحسب العادات العربية الأصيلة.

المحبة والترابط صفتان حميدتان تجسدهما المجالس الرمضانية في البحرين بشكل عام؛ ويمثل مجلس سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة نموذجا مصغرا لما يميز البحرين من تلاحم ومودة وتسامح بين أبنائها، وقيم شامخة لأجيال متعاقبة نشأت على نبذ الطائفية والتمسك بالوحدة الوطنية.

في وقت قصير تراكمت انطباعات إيجابية يصعب حصرها في مقال واحد، لكن سؤالا مهما لابد من طرحه هنا على كل من يقارن تقاليد البحرين التليدة وأعرافها الراسخة مع ديمقراطيات الغرب الحديثة؛ في أي من نماذج الغرب يمكن أن تجد مثل هذه القيم النبيلة والخصال الحميدة؟

ثقافة المجالس في البحرين أعمق من أن تستوعبها أفكار جان جاك روسو وفولتير وغيرهما من فلاسفة التنوير. فعندما يحاول من يهوى منا جلد الذات الإجابة عن هذا السؤال سيجد أن الغرب الذي استمد ديمقراطيته من تلك الأفكار يتخلف بمسافة بعيدة عما آل إليه شعب البحرين من رقي وتحضر، حيث لا يمكن للمواطن الغربي أن يلتقي بأرفع المسؤولين في مجالس عامة من دون إجراءات أمنية معقدة ودعوات مسبقة لا ترسل غالبا إلا لعلية القوم.