العدد 3497
السبت 12 مايو 2018
banner
في تجارة الفتن (2)
السبت 12 مايو 2018

الانتخابات النيابية بهذا المعنى تصير قصّة كبيرة جداً، أكبر من حدودها الديموغرافية والجغرافية، وأشمل من كونها طقساً من طقوس السياسة اللبنانية المألوفة منذ زمن الاستقلال، والتي في خلاصتها (الأخيرة) لا تمسّ ثوابت النظام الديمقراطي ودستور الجمهورية، وهويّتها العربية وكيفية توزيع السلطات تبعاً للتوزيع القائم والمكين!
ويصير المتنافسون على الدخول إلى الندوة البرلمانية، جيوشاً منظّمة مرتبطة بأجندات واستراتيجيات عُظمى! وبعضها وتحديداً، “الأعداء” الذين يكيدون لـِ “المقاومة”، أدوات في “مؤامرة سعودية” ضخمة! وجزءاً من “رهانات صهيونية” أكيدة، عدا عن كونها (تلك الجيوش!) رديفاً استراتيجياً “نائماً” للقوات الأميركية المنتشرة في ثلاثة أرباع الكرة الأرضية! ثم يصير “انتصار حزب الله”، من دون أن يزيد في عدد مقاعده النيابية بالمناسبة، بل في ظل اختراق صفوفه في معقله البقاعي، وفي بيئته المذهبية في الجبل.. يصير ذلك، تثبيتاً “لدعم سوريا في وجه الإرهابيين”... واستكمالاً للانتصارات على الكيان الصهيوني، وهذا بالمناسبة أيضاً، شبيه بتوصيف العشائر البقاعية والقوى الحزبية التي ناوأت الحزب انتخابياً، بأنها “داعمة للتكفيريين والإرهابيين الدواعش” وعاملة دؤوبة في خدمة الأشرار والمتآمرين!
كانت الفتنة أيام زمان، كارثة ومصيبة، وصارت اليوم خياراً عاقلاً! ووسيلة مشروعة لخدمة الهدف السياسي والحلم التوسعي والمصلحة القومية الخاصة! وكانت مذمّة وتهمة مُدانة وصارت نهجاً في رأس جدول أعمال قيادة طهران، ويستوي في ذلك النهج، قتل السوريين وتخريب ديارهم وتهجيرهم من أرضهم، والاستثمار في البؤس اليمني، ومحاولة المسّ بالأمن القومي العربي والسعودي، ومراكمة النفوذ فوق البلاء العراقي!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية