العدد 3492
الإثنين 07 مايو 2018
banner
لا تُصالِح... لا تصالُح
الإثنين 07 مايو 2018

أحال مجلس الوزراء إلى السلطة التشريعية مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المرور لتوسيع التصالح للتسهيل على المواطنين والمقيمين من خلال سرعة الإنجاز بالإدارة العامة للمرور، وذلك بإضافة حالات جديدة يجوز فيها التصالح كتجاوز الإشارة الضوئية باللون الأحمر أو تجاوز حدود السرعة إذا لم ينتج عنهما حادث أدى إلى إصابة أحد الأشخاص أو الوفاة، والصلح خير، كما في القرآن الكريم، إلا في حالة المرور في بلادنا، فيجب الذي يجبُ للحد من الانفلات المروري.

فقد امتلأ الشارع بالمتنمّرين، والمخالفين، والمستهترين، والعابثين، بل المرعبين لغيرهم من السائقين، ومن الدافعين الآخرين للمخالفة عن طريق الضغط عليهم في الشوارع.. نعم، لقد كثرت كاميرات المراقبة، وغلّظت بعض العقوبات، ونعم لشيء من الوعي في بعض النواحي البسيطة في المرور، لكن الانزلاقات أعظم وأكبر من هذا كله، فهناك «أخلاقيات» مرورية تتدهور وتتراجع وتتسبب في الكثير من الضيق الذي ينتاب مستعملي الطريق، وتصعّب الخروج إلى الشارع على من يريد اتّباع القانون، والالتزام بالقواعد والأنظمة.

لقد عاشت البحرين أحلى سنواتها المرورية في الوقت الذي كانت فيه القوانين تطبّق بحذافيرها إلى حدّ ما، متشددة إلى حدّ ما، صارمة إلى حدّ ما، عادلة إلى حدّ ما، فكنّا نفاخر من حولنا بالانضباط في الشارع، والالتزام بالسرعات، والمرور عند الدّوار، واحترام إشارات المرور، وحقوق المشاة، في الوقت الذي كنا ننظر بترفّع ممزوج بالشفقة إلى التصرفات غير المنضبطة التي كانت تجري في دول مجلس التعاون بتفاوت من شماله إلى جنوبه، حيث تسود الرغبات الفردية في الشوارع للمرور، والتجاوز، والتفرد والأنانية، ونقول إنهم سيصلون ذات يوم إلى ما وصلنا إليه، ولكن الحال انقلب للأسف، وصرنا نحن من يقتدي بمن كنا ننتقد، ونتّبع الطريقة نفسها في السواقة، مع تصرفات كثير منها مستورد، في حين كانت «تهمتنا» قبل ما يزيد عن 20 عاماً، أن السواقة في البحرين ناعمة ومنضبطة وليست فيها «رجولة»، والرجولة هنا تعني الخروج على القوانين، انتهاب الشوارع انتهاباً، الدّعس على كل نظام، وإخراج اللسان للقانون والقائمين على تنفيذه، فلقد كثر اليوم «المهمّون» وأصحاب الواسطات المنجيات من العواقب والعقوبات، وهذا جزء أيضاً من الانفلات.

كل ما يحتاجه الوضع المروري السيئ والمتدهور اليوم هو الصرامة بدل التصالح، وتعليم الجيل الجديد، تذكير الجيل الأقدم بما سبق وتسرب من أيدينا بفعل التراخي وترك الحبال تنسلّ على غواربها، حتى تناسلت وصار الحنين إلى مظاهر المخالفات الأقل، وليس السعي إلى وأد الظاهرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية