+A
A-

تأييد إلغاء قرار وزير "البلديات" بفصل مدير الموارد البشرية بسبب "حافز"

قال المحامي والمحكم الدولي محمد رضا بوحسيِّن إن محكمة الاستئناف العليا المدنية أيدت حكمًا مستأنفًا يقضي بإلغاء قرار صادر من وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني "بصفته" والوزارة نفسها، مفاده فصل موظف يشغل مدير إدارة الموارد البشرية والمالية بإحدى البلديات، والذي كان قد حصل على زيادة في راتبه عن طريق رؤسائه في العمل بعد قيامهم بتعديل كلمة (حافز) إلى زيادة في الراتب.

وذكر بوحسيِّن أن موكله كان قد تحصّل على حكم من المحكمة الإدارية بإلغاء قرار الوزارة المذكورة بفصله تعسفيًا، بعد اتهامه بارتكاب مخالفة خاصة بقواعد العمل، عقب حصوله على علاوة تشجيعية في العام 2008، ثم حصل بعد ذلك على علاوتين أخريين، الأولى في 1/2/2009 والثانية في 1/6/2009؛ وذلك دون دخلٍ له بالأمر، ولكن كانت قرارة العلاوة بالمخالفة لأنظمة الخدمة المدنية التي تشترط ألا يمنح الموظف هذه العلاوة أكثر من مرة واحدة كل سنتين.

وأضاف أن جهة العمل حققت مع موكله في العام 2012، والتي أصدرت قرارًا بفصله بتاريخ 7/6/2012، أي بعد الواقعة بـ3 سنوات على الرغم من أن قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون في العام 2010 يقرّ بسقوط حق الجهة الإدارية في مسائلة الموظف عن المخالفة المنسوبة إليه بمضي المدة المقررة قانونيًا وهي 3 أشهر من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة أو سنة واحدة من تاريخ وقوعها، أيهما أقرب، وهو ما دفع المحكمة الكبرى المدنية للحكم لصالح موكله بإلغاء هذا القرار.

وبيّن المحامي والمحكم الدولي أن وزارة شؤون البلديات قررت استئناف هذا الحكم، ودفعت بأن المخالفات المنسوبة لموكله تعد من المخالفات المستمرة، وبالتالي لا يسقط عنها حق الجهة الإدارية في توقيع الجزاء على مرتكبيها، إضافةً إلى أنها تعد مخالفة جنائية.

وردًا على تلك الدفوع ردّ بوحسيِّن ببطلان إجراءات التحقيق التي أجرتها الجهة الإدارية مع موكله، وقال لم يتم التحقيق معه في الميعاد القانوني، كما أنه لم يتم إخطاره بالمخالفات ولم تمهله أجلاً للدفاع والرد، وأن المخالفات المنسوبة إلى المستأنف ضده لم يثبت أنه اقترف أيًّا منها، بل الثابت وما أكدته شهادة الشهود أن المدير العام هو من اعتمد العلاوتين الخاصة بالمخالفات المنسوبة ضده، وبالتالي تنتفي صفته في تلك المخالفات.

كما قرر أن الوزارة المذكورة علمت بالمخالفة بتاريخ 26/10/2011 من قبل لجنة تقصي الحقائق، إلا انها لم تتخذ أية إجراءات في حق موكله إلا بتاريخ 18/4/2012، وذلك باستدعائه لسماع أقواله بشأن الواقعة، أي بعد مرور أكثر من 5 أشهر على العلم بالواقعة، في الوقت الذي تقر فيه المادة (24) من قانون الخدمة المدنية، والتي وضعت حدًا عامًا لمسائلة الموظف، وهو عدم جواز مسائلة الموظف تأديبيًا بمرور سنة من تاريخ وقوع المخالفة بوجه عام، وبذلك يكون آخر مخالفة منسوبة للمستأنف ضده كانت في1/6/2009، وأيًّا كان مدى صحتها، فإنه يكون قد سقط حق المستأنفين في مسائلة المستأنف ضده عن تلك المخالفة.

وتابع، أنه دفع كذلك بانعدام ركن السبب لعدم وجود تحقيق مع المستأنف ضده حول المخالفة التي اتخذها المستأنفين سببًا لقرار الفصل، خاصةً وأنه لم يتم توجيه أي اتهام له أثناء التحقيق، وإنما دارت الأسئلة حول سبب تعديل كلمة "الحافز" إلى "تعديل راتب" لإدخاله في النظام الإلكتروني، مشيرًا إلى أن سلطة منح الحوافز إنما هي من اختصاص المدير العام، وليس المستأنف ضده.

وأشار إلى أن شهادة المدير العام أكدت أنه هو من قام بالتوقيع على استمارة طلب الحافز التي تم تعديل كلمة "حافز" إلى "تعديل راتب"، وبذلك فإن ذلك يقطع بعدم تزوير أو تغيير للحقيقة تم على يد موكله، وأن مصطلح "تعديل الراتب" إنما تم لمنح الحافز ولا يعني ذلك تعديل الراتب، وأن الحوافز والترقيات تتضمن استثناءات يختص بها المدير العام والوزير المعني؛ باعتبار أن ذلك سلطة تقديريه، خاصةً وأن المستأنف ضده شخص منظم ويؤدي عمله بإخلاص، كما شهد مشرف الموارد البشرية أنه في حالة عدم قبول النظام للحافز نقوم بإدخاله لتعديل راتب وتم الإجراء لموكله وتم اتباع هذا الإجراء سابقا بتعديل رواتب لأحد الموظفين الأجانب.

من جهتها قالت محكمة الاستئناف العليا المدنية في حيثيات حكمها إنه لا يجوز مسائلة الموظف بعد مضى 3 أشهر من علم رئيسه في العمل أو سنة واحدة من تاريخ وقوعها، ومع ذلك لو نشأ الفعل عن جريمة جنائية فلا يسقط حقها في توقيع الجزاء إلا بانقضاء الدعوى الجنائية، وأن المخالفة التي وقع فيها الموظف تمثل مخالفة وقتيه حدثت في وقت معين وانتهت في حينه، وأن المخالف المستمرة من فعل متجدد ومستمر، وأن المخالفة التي وقع فيها الموظف تمثل مخالفة وقتيه ولا تعد من المخالفات المستمرة ومن ثم فإن الجهة الإدارية سقط حقها في مسائلته تأديبيًا.

وأوضحت أن وزارة البلديات لم تقدم ما يثبت أنها حرّكت دعوى جنائية ضد الموظف -المستأنف ضده- وأن الثابت من أقوال الشهود أن منح الحوافز يتم عن طريق لجنة الحوافز وأن إجراء تعديل الراتب من صلاحيات مدير عام البلدية ومن ثم فإن الأوراق المقدمة خلت مما يفيد أن المخالفة المنسوبة للموظف جريمة جنائية.

فلهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول استئناف الوزارة شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.