+A
A-

معرض "العالم برؤية كروية"... وأشياء أخرى في "اللوفر" أبوظبي

افتتح في متحف اللوفر أبوظبي أخيرا معرض "العالم برؤية كروية" الذي تنظمه المكتبة الوطنية الفرنسية وسيمون. وكانت مسافات "البلاد" حاضرة بهذا المعرض، الذي يعتبر زاوية كبيرة لاكتشاف تاريخ تمثيل العالم بشكل كروي والأدوات العلمية التي استخدمت لذلك من العصور القديمة وحتى يومنا هذا، من خلال 160 قطعة من مجموعة المكتبة الوطنية الفرنسية ومن القطع الأخرى المُعارة.

يقدم المعرض أكثر من 40 مجسمًا كرويًا، وبقايا أثرية نادرة ومخطوطات رائعة وأطروحات مطبوعة، واسطرلابات وخرائط عالمية فريدة، مع وجود قطع أثرية تاريخية، بما في ذلك بعض أقدم الكرات الأرضية والسماوية وأول الاسطرلابات في العالم الإسلامي، والتي ربطت العالم من العصور القديمة وحتى يومنا هذا. تعكس المجموعة المعروضة روح اللوفر أبوظبي وقصة البشرية التي يرويها من خلال قطع رائعة مُعارة من المكتبة الوطنية الفرنسية، ومتحف اللوفر في باريس، ومتحف الفنون والحرف، وقصر فرساي، ومركز بومبيدو".

يركز القسم الأول من المعرض على العالم القديم، حين تصور العلماء والفلاسفة اليونان في القرن السادس قبل الميلاد عالمًا كرويًا من الكواكب والنجوم. فقد أشار أرسطو إلى الظل الدائري للأرض، مما يؤكد فرضية كون العالم كرويًا. وتم إنتاج أولى الكرات الأرضية والسماوية في القرن الرابع قبل الميلاد.

ومن أقدم القطع في المعرض كرة سماوية صغيرة لا يزيد قطرها عن 6.4 سم، يعود تاريخها إلى 200 عام قبل الميلاد. هذه الرؤية للعالم سادت مجال العلوم الكونية على مدى أكثر من 1500 سنة، في العالم الروماني، وكذلك في المناطق الإسلامية والمسيحية الغربية، بعد أن استلهمت من ثقافات مصر القديمة وبلاد فارس وبابل، وانتشرت من خلال الفلاسفة من العالم الهلنستي مثل أفلاطون وأرسطو؛ لتتعزز بعد ذلك من خلال العلماء مثل كلوديوس بطليموس (مصر، القرن الثاني الميلادي). يقدم هذا المعرض للزائر فرصة الاطلاع على بقايا أثرية نادرة مثل الكرة السماوية الشهيرة لبيانشيني من متحف اللوفر باريس، والعديد من القطع النقدية الرومانية والمخطوطات العربية أو اللاتينية الثمينة، مما يمكنه من استكشاف أصل الرؤية الكروية للعالم.

من القرن الثامن وحتى القرن الخامس عشر، كان علماء الفلك المسلمون رواد البحوث الفلكية، إذ كانت الاسطرلابات والكرات السماوية من أكثر الأدوات العلمية المستخدمة في العالم الإسلامي، من الأندلس وحتى سلطنة مغول الهند.

لذا، يقدم هذا المعرض لزواره بعض أقدم هذه الأدوات التي عرفها التاريخ، مثل اسطرلاب أحمد بن خلف (العراق، القرن العاشر)، والكرات السماوية لكل من إبراهيم بن سعيد السهلي الوزان (إسبانيا، القرن الحادي عشر)، ويونس بن الحسين الاسطرلابي (إيران، 1144).

وكانت هذه الأدوات والمعارف حول حركة النجوم ضرورية لتحديد التقويم القمري على سبيل المثال، وتحديد أوقات الصلوات الخمس واتجاه القبلة، بالتالي، استخدمت لأغراض دينية.

أما في الغرب المسيحي، فقد تمت إعادة اكتشاف العلم القديم إلى حد كبير من خلال الروابط العربية، بدءًا من الأندلس في القرن العاشر.

وفي القرن الثاني عشر، ونظرًا إلى إعادة اكتشاف أعمال أرسطو و "كتاب المجسطي" لبطليموس، من القطع المعروضة "صورة كوكبات القِنطور والسبع والمجمرة، في الترجمة اللاتينية لكتاب صور الكواكب الثابتة للصوفي" تعود إلى القرن الثالث عشر من إيطاليا.

في وقت تميز بالاكتشافات العظيمة، أصبحت الكرة الأرضية أداة للمستكشفين للتنقل حول العالم وفي الوقت عينه وسيلة لإعلان اكتشافاتهم الجديدة، كما تبين كرة أرضية فريدة من نوعها ونادرة من زمن رحلات كريستوفر كولومبوس وفرناندو ماجلان. فقد شكلت معارف علماء الجغرافيا، مجتمعة مع معارف علماء الفلك، أساس علم أوصاف الكون، وهو علم برز في القرن السادس عشر، في حين وسعت الرحلات والتجارة آفاق الأوروبيين وأغنت رؤيتهم للعالم، أتاحت لهم أيضًا تصدير هذه الرؤية إلى قارات أخرى، مثل السجادة المنسوجة على نول أفقي والمصنوعة من الصوف والحرير من مصانع بوفيه بعنوان "الفلكيون" سجاد جداري من سلسلة "قصة إمبراطور الصين" ولوحة نامبان تصور خريطة العالم من مجموعة اللوفر أبوظبي الدائمة.

ويختتم المعرض بالأشكال الكروية ورمزيتها في الثورات في القرنين السابع عشر والثامن عشر، إذ شكك المثقفون بالأسس التقليدية لنظرياته. فأخذت الشمس مكان الأرض في مركز الكرات السماوية. ومع الاكتشافات الجديدة لعلماء الفلك من خلال المناظير العملاقة والفعالة، وقانون نيوتن، وعلماء عصر التنوير، والنظريات الرائدة التي أدت إلى الفيزياء الفلكية، مما أحدث تغييرات جذرية في هذا المجال.