العدد 3487
الأربعاء 02 مايو 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
بعض الحب... زيف!
الأربعاء 02 مايو 2018

من منا لا يبحث عن الحب، عن تلك المشاعر الجميلة واللذيذة، التي تخفف عنه بعض قساوات الحياة؟ من منا لا يسكن إلى هذه المشاعر التي تجعل منه إنسانا؛ أنيسا، ومُستأنِسا؟ من منا لا يبحث عن “الحضن” - بمعناه الواسع - الذي يركن إليه دائما: أب، أم، أخ، صديق، رفيق، زوج، مجتمع محب. نحن كائنات “حُبيّة”؛ لا نستطيع العيش من دون الحب؛ فإذا كان رب العزة؛ هو الودود؛ أكبر المحبين؛ خالقنا؛ ألا نكون بالفعل كذلك! إن الحب فطرة خير وفيرة، ومُنعشة، ومحرّكة، ومحفزة لأجمل المشاعر الإنسانية عبر التاريخ، بكل صورها وأشكالها، ومن يخالف منّا هذه الفطرة؛ كيف يكون إنسانًا حقيقيا!

من هنا؛ ترتفع صيحاتنا ضد كل ما يخالف هذه الفطرة، ونرفع هتافات مضادة للكراهية؛ التي نراها الوجه الآخر النقيض، والذي لا يمكن أن يجتمع مع الحب أبدا! ليس منّا أحدا إلا وادّعى أنه حمامة حب وسلام؛ فالحب أجمل القيم؛ لا يخالفها إلا شيطان؛ ولذلك فإننا نستميت – حتى آخر نفس – في الدفاع عنها؛ مهما خالفت تصرفاتنا، وسلوكياتنا، لا يمكن إلا أن ندّعي أننا حاملوا رايتها.

إن الدفاع عن الحب إذًا؛ ليس إلا دفاعا عن الانتماء إلى الشجرة الإنسانية الرفيعة؛ إلهية الصنع؛ ضد محاولات زرع شجرة خبيثة؛ شيطانية المنبت؛ تبث الحقد والكراهية، في الوقت الذي تدّعي الحب وتزوّره، وترسم صورًا أنيقة، جذابة لهذا الحب؛ لكنه الحب الزائف! ما هو الحب الزائف؟ إنه ما يتشكل في صورة الحب، يلمع من الخارج، والداخل نار وحطب! موجود بيننا، في علاقاتنا اليومية، وهذه أمثلة: زوج يلاحق زوجته التي خرجت من المنزل؛ بمكالمات لا تنتهي، ورسائل نصية، ليتأكد من تتبع تحركاتها! صديق يتصل ما بين الساعة والساعة؛ لسبب أو من دونه! متتبع لك على الفيسبوك ما إن يراك متصلا؛ حتى يمطرك بوابل من الرسائل، ولماذا (تطنش)! واحد من معارفك؛ اكتشف فجأة أنك مسافر! كيف ذا، وهو آخر من يعلم!

وأمثلة لا تنتهي ولا حد لها ولا نهاية، جميعها يدّعي أصحابها أنها بدافع الحب، وعتب الحب، وخوف الحب، وللحب!؟ هذا حب بالله عليكم! هذا تضييق، وخنق! كان ينقصنا فقط وضع “أقفاص، ومصايد”! عن أي حب تتكلمون؟ الحب في تعريفي هو جوٌ من الراحة، والسكينة، والأمان النفسي. هو الحرية؛ والانطلاق، والسلام الداخلي. إنْ عرفت أن تُقدمه بكل هذه المواصفات فأنت مُحب، وأهل للحب، فما تعريفكم أنتم للحب؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية