+A
A-

دائرة الثقافة والسياحة تفتتح مؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة في دورته السادسة

انطلقت يوم أمس الخميس فعاليات الدورة السادسة لمؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي تحت عنوان " الترجمة العلمية والتطور المعرفي" ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثامنة والعشرين، بحضور معالي سارة يوسف الأميري، وزيرة دولة المسؤولة عن ملف العلوم المتقدمة ولفيف من المسؤولين والأكاديميين.

بدأت فعاليات المؤتمر بكلمة لمعالي سارة يوسف الأميري، وزيرة دولة المسؤولة عن ملف العلوم المتقدمة، قائدة الفريق العلمي الإماراتي لاستكشاف المريخ ورئيسة مجلس العلماء بدولة الإمارات أعربت فيها عن سعادتها بحضور حفل الافتتاح، وقالت "يسعدني أن أكون معكم في هذا الحدث المعرفي الدولي لحضور فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب والمشاركة في حفل انطلاق مؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة في دورته السادسة الذي يشارك فيه طيف واسع من صناع الثقافة والمعرفة من 63 دولة تحت شعار "نبني المستقبل" والتي اختير فيها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" الشخصية المحورية لهذه الدورة. وهذا الاختيار له مدلولات عظيمة حيث لم يقتصر اهتمام الأب المؤسس على بناء الدولة بالعمران والاقتصاد والجوانب المادية فقط. بل أولى اهتماماً ببناء الإنسان وجعل العلم والثقافة والمعرفة مكونات رئيسية لدولة الإمارات".

وتابعت معاليها "طيلة حياته أطلق الأب زايد العنان لمؤسسات الدولة وأفرادها للنهل من مصادر المعرفة ورّسخ ثقافة صناعة المعرفة بدلاً من تلقيها، وأسس لمرحلة جديدة من انفتاح الإمارات على الثقافة العالمية، وإقامة العديد من المشاريع الثقافية الضخمة فأصبحت مركزاً ثقافياً وواحة للتسامح والتنوع الفكري والثقافي على مستوى العالم. وما وجودنا اليوم في هذا الحدث الدولي المهم إلاّ أكبر مثال على ذلك، ولكن هذه المقاربة الفكرية لم تأتِ من فراغ حيث كان العالم العربي ومنذ الأزل اللبنة الأولى في بناء الحضارات، وأثبت لنا التاريخ أن ّمقياس حضارة الشعوب وتقدمها هو إيمانها بأهمية العلم والمعرفة. وهذا ما آمن به آباؤنا وأجدادنا حين اهتموا منذ عهود مبكرة بالبحث العلمي والمعرفي، وركزوا بشكل خاص على الترجمة وبخاصة عندما فتحت البلاد العربية أبوابها أمام الثقافات، وكان للترجمة أثر كبير وبارز في العصر الذهبي للنهضة الإسلامية".

وأوضحت معاليها "هذا التفكير السابق لعصره أثرى لغة الضاد بمفردات جديدة ومصطلحات علمية في مجالات الطب، والكيمياء، والرياضيات والفلك، وذلك بفضل جهود المترجمين والعلماء الذين جعلوا التراث الحضاري العالمي متاحاً للعقل العربي الإسلامي الذي حمل مشعل الفكر والعلم الإنساني لقرون طويلة. فعندما نتأمل تسمية النجوم نرى أنّ ثلثين من أسماء النجوم لها أصول عربية، ومن هنا كان السبق العلمي للعرب على الحضارة الغربية في بداياتها، حيث أسست الحركة المبكرة للترجمة لفترة تاريخية شهدت ازدهار في كافة المجالات العلمية والفكرية، ونقلت شعلة السبق العلمي إلى الحضارة الغربية ولنا في هذه المقاربة العلمية درس لنتعلمه في يومنا هذا".

وأكدت معاليها "علينا تفعيل دور الترجمة في الصناعة المعرفية حيث يشكل توفر المحتوى العلمي باللغة العربية منصة مثالية لتحفيز الجهود العلمية والأكاديمية. وسيمكن الكفاءات العربية الواعدة من الحضور بقوة على الساحات المعرفية العالمية والمساهمة في تصدير المعارف والخبرات العربية إلى العالم وإعداد جيل من علماء المستقبل في مختلف المجالات. لذا، تسعى قيادتنا الرشيدة إلى تبني منظومة متكاملة من المبادرات وأطر العمل الفعّالة لتشجيع الابتكار في صناعة المعرفة، وحثّ حركة الترجمة بكافة مساقاتها والمحافظة على أصالة اللغة العربية وتطويرها بشكل مستمر، لما في ذلك من دور مهم في بناء الإنسان والاستثمار في الرأسمال البشري وتزويد الأجيال الصاعدة بالأدوات اللازمة للنهوض بالمجتمع إلى آفاق جديدة من التنمية والتقدم. فبالعلم والمعرفة يعم الاستقرار".

وختمت معاليها بالقول "تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم منارة معرفية في المنطقة العربية بأكملها وهذه مسؤولية تقع على عاتقنا لنعيد أمجاد الماضي ونحمل شعلة المعرفة ونصبغها بصبغة عربية وإبراز دور الحضارة العربية في صناعة المستقبل. وهذا يتطلب منا تفعيل دور البحث العلمي والترجمة العلمية والمعرفة الأكاديمية وإصدار مصطلحات علمية وتقنية لكي نستفيد من عبق حضاراتنا ونكون مساهمين فاعلين في استشراف المستقبل الإنساني، الذي هو مستقبل أجيالنا القادمة".

ومن جانبه، ألقى عبدالله ماجد آل علي المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب بالإنابة، في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي كلمة جاء فيها: "تتنامى أهمية الترجمة في عالمنا اليوم الذي ينشد التفاهم والتمازج والسلام. ولا يخفى على أحد أهمية النتاج الثقافي المشترك والمترجم والروائع العديدة التي أثرت بها مكتبات العالم في الفكر والفلسفة والأدب. وأؤكد أنّ الترجمة ذات أثر ثقافي يسهم في تشكيل الوعي وتنوع الموروث الثقافي والفكري العربي، ويعزز من وسائل فهم العالم الآخر واستيعاب ما فيه من تقدم ومعرفة".

وتابع "يشكل مشروع كلمة للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي جسر حوار وانفتاح وتسامح إنساني، ومن منطلق هذه الأهداف السامية والنبيلة يسعى مشروع "كلمة" إلى ترسيخ قواعد العمل الجاد وتعزيز حركة الترجمة إلى العربية، من مختلف اللغات العالمية الحية، بهدف تقديم خيارات واسعة من القراءة أمام القارئ العربي وتعويض النقص الكبير التي تعاني منه المكتبة العربية في كافة مجالات المعرفة. لقد نجح مشروع كلمة في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في بناء شبكة علاقات واسعة مع ناشرين ومؤلفين من مختلف أرجاء العالم، وحصد عدداً من الجوائز الثقافية المرموقة".

وأضاف آل علي "لقد سعى مؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة منذ دورته الأولى في عام 2012 إلى تسليط الضوء على الواقع الراهن لحركة الترجمة من اللغة العربية وإليها وبلورة استراتيجيات تنهض بعمليات الترجمة العلمية وتوسع حركتها، كما اهتم بتعزيز مهارات المترجمين من خلال تنظيم ورشات عمل تهدف إلى توفير حلول عملية للتحديات والصعوبات التي يواجهها المترجمون عند نقل النصوص من اللغات المختلفة من اللغة العربية وإليها. إن مشروع كلمة ينتظر بشغف كبير نتائج وتوصيات هذا المؤتمر ليسترشد بها في مسيرته، مسيرة النهوض بحركة الترجمة وتطويرها".

وتلا الكلمات الافتتاحية للمؤتمر عزف لمقطوعة موسيقية بعنوان "بين الشرق والغرب" قدمها إيلي أشقر ومانويل ديلغادو، وبعدها انطلقت جلسات مؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة في يومه الأول.