العدد 3480
الأربعاء 25 أبريل 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
كان ينقصنا أن نفهم!
الأربعاء 25 أبريل 2018

هل تذكرون أول وظيفة لكم؟ أول عمل أدخلكم عالم الكبار! لا أظن أن أحدًا منكم ينسى هذه التجربة البكر؛ فعادة ما يكون لها وقع كبير في النفس؛ ويستوي في ذلك تذكرّها بحب أم بانزعاج وتأثر! منكم من عاش عمره كله في هذه الوظيفة، غير أن منكم من قفز عنها إلى وظيفة أو أكثر! ومنكم من الشباب مَن لا يزال يخطو خطواته نحو أول وظيفة.

تكمن القصة في موضوع التوجيه والإرشاد؛ فأنا لا أذكر أن هناك محاضرات خصصتها لنا وزارة العمل، على سبيل المثال؛ لتهيئتنا إلى دخول عالم العمل، وتوعيتنا بما يُسمى بالأخلاق الوظيفية، أو الولاء الوظيفي، أو على الأقل الإرشادات اللازم اتباعها، عند دخول عالم العمل لأول مرة! كما أنني لم أرَ بعيني، ولم أسمع من أحدهم أن إدارات التوظيف أو الموارد البشرية؛ خصصت من وقتها محاضرة حول ذلك، ربما موجودة، لكنها نادرة!

ربما يتعذر بعضكم بأنها موجودة في اللوائح والأنظمة، والمواقع الإلكترونية للجهات المختلفة، غير أن ذلك لا يكفي يا سادة، إن الداخل إلى سوق العمل بحاجة إلى الاحتواء، والتثقيف، والكثير الكثير من التمهيد لعالم الأعمال، ولعل أهم درس يجب تعلمه وفهمه جيدًا: كيف تتعامل مع رئيس العمل!؟

ليرجع الجميع منا إلى الوراء؛ بذاكرته؛ كيف كان أول عمل لديك؟ لاشك أنك كنت يافعًا في العمر، شابا، تراودك الكثير من الأحلام، التي كنت تسعى باستماتة لتحقيقها، لاشك أنك كنت مندفعا، وربما مثاليا جدا، وصُدمت بكثير من التعليمات؛ التي كنت تراها أوامر، وتسلطا، وربما ظلما كبيرا مُمارسا عليك!

لن أبالغ إذا قلت إنها مرحلة الطفولة المبكرة في العمل! فجأة هناك من يوجهك، ويُسلمك قائمة مهام، ويتعاطى معك كولي أمرك في العمل، لم تكن معتادا على هذه السلوكيات، ربما تلقيت النصائح؛ ولكن الكلام النظري يختلف عن الواقع العملي، وينتهي بك الأمر إلى كثير من التشنج، والعصبية. كثير منا ترك أول وظيفة، أليس كذلك! وربما اشتكى إلى الوزارة المعنية!

كان ينقصنا فقط الإرشاد الحقيقي، الذي يعلمنا كيفية التعامل مع المسؤول، وكيف نتحمل أعباء العمل، وكيف نتقبل بصدر رحب الكثير من التعليمات، دون أن نعدّ هذا المسؤول فوقيا، أو متعاليا علينا، أو أن لديه نوايا خفية يهدف من ورائها إلى “تطفيشنا” كما نقول، أو رمينا خارج العمل! لو كنا نفكر وقتها، أو حتى الآن – إنْ كنا التحقنا مؤخرا بالعمل – لارتحنا كثيرا، ولكانت الوظيفة الأولى هي الأخيرة، والثابتة.

لأرباب الأعمال؛ هي رسالة بسيطة: يحتاج أي موظف شاب؛ إلى النصح، والاحتضان، تذكروا أنهم في مقتبل العمر، وأن أمامهم الكثير من المراحل؛ ليصلوا إلى النضج الحقيقي... ساعدوهم ليتخطوا مراحلهم العملية الأولى، وتذكروا: عدم ثبات الموظفين لديكم؛ إنذار خطر؛ يحمل علامة استفهام كبيرة!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية