العدد 3479
الثلاثاء 24 أبريل 2018
banner
المعلمون مكتئبون (2)
الثلاثاء 24 أبريل 2018

لم يكن في نيّتي أمر العودة إلى معاناة المعلمين وهمومهم لولا ما اتسمت به ردود البعض عبر شبكة التواصل الاجتماعي من حدة وتحميل المعلم كل ما يتعرض له أبناء هذا الجيل من نكسات، وهذا يمثل ظلما فادحا للعاملين في سلك التربية والتعليم من معلمين وإداريين.

أحد المعقبين كان يرى أنّ المشكلة تتعلق بالصورة السيئة التي طبعها المعلم في نفوس الأجيال السابقة والحالية وهذا أسهم - طبقا لرؤيته - في كون الطلبة والوزارة ضدّ المعلم، ويقترح كمخرج من هذه الحالة “انزعوا صفة القداسة والألوهية عن المعلمين من الجيل القديم بتصحيح أوضاعهم”!

وجاءت وجهة النظر الأخرى “سألت مرة إحدى أساتذتي بالجامعة ما الذي يجعلها تعمل بجد ونشاط وحيوية؟ فأجابتني إنها تبحث عن لمحة النور التي تصدر من أي طالب كان عندما يتعلم أي شيء جديد”، ومن خلال هذه اللمحة توصل إلى حقيقة مؤكدة “أنّ المدرسين في مجتمعنا لا تسمع منهم مثل هذه العبارات... بل جل همهم الانتهاء من الحصة”. ويضيف أنّ المعلمين غالبا ما يتذمرون من زيادة الحصص واستمرار الدوام... بهذا الحكم القاسي المنافي للواقع اختزل وضع المعلم وكأنه ليس من حق المعلم إبداء رأيه في عملية التعليم والمطالبة بتحسين وضعه كأي إنسان آخر.

القول إنّ المعلم هو المسؤول الأول عن الانهيار الأخلاقي للجيل هو قول يجافي الحقيقة جملة وتفصيلا، كما أنّ القول إن في وسعه إحداث التحولات دون تضافر الجهات الأخرى ودون منحه الصلاحيات الكافية هو تجن على هذا الإنسان، فالمعلم لا يملك الصلاحيات لتقويم الخلل السلوكي لطلبته، إصلاح الخلل والنهوض بعملية التعليم مسؤولية تتحملها كل الأطراف المعنية بدءا من وزارة التربية والتعليم ومنظمات المجتمع وأولياء الأمور.

لابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ صورة المعلم لم تكن بهذا القدر من التشويه ولا هذا القبح لدى البعض، ومحزن جدا أن لا يتذكر هؤلاء إلاّ ما يتحقق في الخارج أما ما ينجزه المعلم عندنا فغالبا لا يقابل إلاّ بالجحود والنكران... فيا أيّها السادة تمهلوا قليلا قبل إلصاق كل التهم بالمعلم ولا تصدقوا أنّه يملك المفاتيح السحرية لحل كل المعضلات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .