+A
A-

افتتاح أيام الشارقة في الذيد وتواصل الفعاليات في قلب الشارقة

افتتحت فعاليات أيام الشارقة التراثية في الذيد أمس الأحد، بحضور الشيخ محمد بن سعود القاسمي، عضو المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، رئيس دائرة المالية المركزية بالشارقة، وسعادة سالم خميس السويدي، رئيس دائرة الضواحي والقرى، والشيخ ماجد بن سلطان القاسمي، مدير دائرة الضواحي والقرى، وسعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية، وجمع غفير من أهالي وسكان المنطقة الوسطة عموماً ومدينة الذيد خصوصاً، وتضمن حفل الافتتاح العديد من الفقرات والأنشطة، في حين تتواصل فعاليات الأيام المتنوعة في قلب الشارقة، وفي قرية الطفل، بالإضافة إلى الندوات والمحاضرات في مجلس الخبراء والمقهى الثقافي، وتوقيع الكتب، وغيرها من الأنشطة والبرامج التي يقبل عليها زوار وعشاق التراث بشكل لافت يومياً.

 

افتتاح الأيام في الذيد

انطلقت أمس الأحد فعاليات أيام الشارقة التراثية في مدينة الذيد بالمنطقة الوسطى، بحضور الشيخ محمد بن سعود القاسمي، وسعادة سالم خميس السويدي، والشيخ ماجد بن سلطان القاسمي، وسعادة الدكتور عبد العزيز المسلم،  وجمع غفير من أهالي وسكان المنطقة الوسطة عموماً ومدينة الذيد خصوصاً،   وتضمن حفل الافتتاح العديد من الفقرات والأنشطة، من بينها جولة ميدانية على مختلف أركان وأجنحة الأيام في القرية التراثية، وعروض فرقة الذيد الحربية، وعروض الخيالة، وعرض لحياة أهل البادية بين الماضي والحاضر، وعروض الكلاب السلوقية والصقارين، وتكريم بعض الشخصيات، من بينهم، الشاعر المرحوم، سعيد بن خميس الطنيجي، والسيدة فاطمة راشد بن دلموك الكتبي.

 

عام زايد

بالتزامن مع عام زايد، خصصت أيام الشارقة التراثية في الذيد ركناً خاصاً في القرية التراثية، عبارة عن معرض، تم تقسيمه إلى خمسة أقسام، الأول هو زايد الخير وسلطان الثقافة، ويتضمن تشكيلة من الصور التي تجمع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، باني ومؤسس دولة الإمارات، مع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، والقسم الثاني هو زايد في الصحافة العربية، وهو مجموعة من الصحف القديمة من عام 1971 حتى 2006، تتضمن ما كتب ونشر عن الشيخ زايد في تلك الصحف. والقسم الثالث هو الشيخ زايد في مدينة الذيد، عبارة عن صور الشيخ زايد في مدينة الذيد، أما القسم الرابع، فهو عبارة عن مقتطفات من حياة الشيخ زايد، سيرة الشيخ زايد من مولده ونشاته وطوال مسيرته، والقسم الخامس عبارة عن معرض فني يتضمن إبداعات أبناء الذيد، رسومات تم تعليقها على الحائط عن الشيخ زايد، بالإضافة إلى كتب نسخة واحدة بدعم من سعادة القنصل خليفة سيف بن حامد، للاطلاع والقراءة.

 

رئيس معهد الشارقة للتراث يوقع كتاب موسوعة الكائنات الخرافية في التراث الإماراتي

وقع سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئس معهد الشارقة للتراث، يوم أمس ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية بنسختها السادسة عشر، كتاب "موسوعة الكائنات الخرافية في التراث الإماراتي"، دراسة في المخيلة الشعبية، في المقهى الثقافي، حيث لقي الكتاب أعجاب العديد من الزوار من محبي الثقافة وعشاق القراءة عموماً والتراث خصوصاً من أجل اقتناء هذا الكتاب المهم.

ويتناول سعادة عبد العزيز المسلم في الكتاب الذي كتب باللغتين العربية والإنجليزية، نحو 37 كائناً خرافياً في الحكايات الإماراتية»، حيث يذكر أن أهم هذه الكائنات المشهورة في الدولة الإماراتية هي: (أم الدويس، بابا درياه، خطاف رفاي وأبو السلاسل).

ويتكون الكتاب من عدة أقسام أهمها: اسم الكائن، والبيئة الذي اشتهر فيها، وأصل وتفسير هذا المسمى، كما يتناول المصادر التي تحدثت عنه وتناقلته، وهل لهذا الكائن أصول وتم ذكره في الأدب العربي القديم.

ويتضمن كتاب موسوعة الكائنات الخرافية في التراث الإماراتي، دراسة في المخيلة الشعبية، حيث يؤكد الباحث الدكتور عبد العزيز المسلم، على أن الكائنات الخرافية بأشكالها وأهوالها، سواء أكانت في إطار الحكايات الخرافية أو خارجها، وغن كانت قديماً تروى مشافهة ولا تفسر، كانت جميع عوالمها محجوبة معزولة عن التداول والمناقشة، وكثير من الحوادث والكوارث الشخصية والعامة التي حدثت في الماضي، كانت تُنسب أحياناً إلى الخوض في مثل هذه الأمور.

وأضاف المسلم أن كثيراً من هذه الكائنات من خلال البحث والذهاب لمعاينة المنطقة المشهور بها تبين أنها قد تم ذكرها في الأدب العربي من خلال كتاب (المستطرف من كل فن مستظرف) لمؤلفه محمد بن أحمد الخطيب الأبشيهي (1388-1448 م). كما اعتبر أن أصل تسمية هذه الكائنات عادة تكون حالة وصفية توجه للمخيلة الشعبية، واعتمد تنفيذ هذا الكتاب على الرسم، حيث قام برسم هذه الكائنات أربعة رسامين اعتمدوا على المنهج البحثي.

ويتابع الباحث المسلم، أما الحكاية الخرافية في هيئتها العامة، فتدخل ضمن أقسام الأدب الشعبي، أما في صفتها الخاصة ومضمونها فتأتي ضمن المعتقدات الشعبية وصيانة التقاليد، فلكل انحراف خلقي أو انحلال اجتماعي كان هناك كائن خرافي مخيف، مهمته ردع من جرؤ على تجاوز تلك الحدود، والآفات الاجتماعية كثيرة مثل الحسد والبغي والسرقة والزنا والخيانة والجشع والظلم وغيرها.

ويتابع الباحث: إن مجتمع مثل مجتمع الإمارات كان يعيش في عزلة شخصية بحتة، وانفتاح اقتصادي كبير، فعلى الرغم من بساطة الحياة القديمة وبساطة الناس وطيبتهم النادرة، إلا أنهم كانوا كثيري الحيطة والحذر من الاتصال بالآخر، وهذا ساعد على بروز حالة من الانعزال عن التأثر بالأفكار الجديدة التي لا تمر إلا بقنوات معلومة، فالتأثر جائز، لكن الإجماع على الجديد كان ضرورياً، والانفراد كان سمة شاذة. لذا تعددت الرموز والإشارات لدى الإماراتيين واختلفت مدلولاتها في حياتهم وفي ادبهم الشعبي، وبرزت بشكل ملحوظ في تفكيرهم الظاهر والباطن.

 

البتراء الأردنية حاضرة في الأيام

قدم الخبير في التراث والآثار، الباحث الأردني، هاني الفلاحات محاضرة في مجلس الخبراء التابع لمركز التراث العربي في أيام الشارقة التراثية، محاضرة عن الجذور النبطية لأسماء الأماكن والمواقع حول البتراء وعلاقتها بوظيفة المكان التاريخية، وتساءل في محاضرته: من أين جاءت أسماء الأماكن والمواقع في البتراء الوردية التي تعتبر واحدة من عجائب الدنيا، وحكمها الأنباط نحو 400 عاماً، وكانت مملكة مزدهرة وقوية، لافتاً إلى أنه عند البحث في الأسماء بعمومها يصل المرء إلى قناعة أنه ليس بالضرورة أن يكون لها تفسير أو دلالة، وقد يعني هذا الاسم لمن أطلقه أول مرة شيئاً ما، وقد لا يعني، ولان أسماء المواقع والأماكن هي في غالبها موروثة عن الأجداد، فإن المتعاملين بهذه الأسماء اليوم لا يعرفون دلالتها أو اشتقاقها أو سبب تسميتها غالباً.

ولفت إلى أنه في العام 1993م تم اكتشاف أرشيف الكنيسة البيزنطية في البتراء، ويتحدث أرشيف الكنسية (الوثائق، اللفائف) عن قسمة أملاك المتوفى بين ورثته، ومن ضمن الأملاك كانت الأراضي، وتتحدث هذه الوثائق وهذا الأرشيف عن قسمة أملاك المتوفين على الورثة، والأملاك كانت: مباني، أراضي، بساتين، عبيد، إضافة إلى وصايا: فقد تبرع أحدهم بثلث أملاكه إلى دير "نبينا هارون غرب الرقيم".

وتطرق الباحث إلى أسباب ودلالات التسمية، وهي كثيرة، منها: جيولوجيتها. حادثه حدثت فيها. نبات أو نوع شجر تشتهر به. معالم كبيرة معروفة. اسم من يملكها (سواء شخص أو مجموعة).

وأشار إلى الجذور النبطية لأسماء المواقع والأراضي في البتراء، حيث ثبت بما لا يقبل الشك أن بعض الأسماء التي وردت في وثائق كنيسة البتراء البيزنطية أسماء عربيه نبطيه مثل؛ البصّة، والدرجة، وعين عليس وغيرها، فهي أسماء عربيه وليست بيزنطية أو رومانية. ومن الأسماء النبطية التي ما زالت تستخدم بين الناس "المدرس أو المدراس"، وهو اسم نبطي مسجل في أحد نقوش الأنباط في منطقة المدرس.

وأوضح أن هناك فهم خاطئ بخصوص استمرارية الأنباط في البتراء، وبأنهم لم ينتهوا بانتهاء سلطتهم السياسية في عام 106م، بل استمروا على الأرض تحت سلطة المحتل يمارسون حياتهم وتقاليدهم وموروثاتهم الثقافية. مشيراً إلى أن وثائق الكنيسة البيزنطية دليل على استمرار الأنباط في المنطقة يمارسون موروثاتهم الشعبية، ولذلك استمر حفظ الأسماء جيلاً بعد جيل، هذا الاستمرار الذي حفظ الأسماء مكننا اليوم من تفسير دلالة الاسم في اللغة، والاستدلال على وظيفته التاريخية.

وقال: الأنباط هم أول من استقر استقراراً سياسياً في منطقة البتراء والشراة بشكل دائم استمر قرابة الأربعة قرون، وتوج استقرارهم باعتبارها حاضرة لدولتهم (312ق.م – 106م)، وهم أول من أطلق الأسماء على الأماكن، وبين أن طبيعة التحول في نمط الحياة عند الأنباط الذي أعقب عملية الاستقرار، اقتضى بالضرورة تقسيم مكتسبات الأرض من مياه وأمكنة ومنافع أخرى، بوما أنهم مجتمع (بدوي) فالانتماء في الأصل للقبيلة، ولذلك جاءت تقسيمات الأراضي والمياه على أساس القبيلة أو العائلة، لذلك نجد أن القسمة التاريخية للأراضي في جنوب الأردن هي الواجهات العشائرية.

 

البيضة وبدبدا

تناول الباحث منطقتي البيضة وبدبا، كنماذج على الأسماء التاريخية ذات الجذور اللغوية، فلقد ظل معنى اسم البيضة الذي يدل على المنطقة التي تقع إلى الشمال من مدينة البتراء مجهولاً للجميع، لذلك اجتهد الأدلاء السياحيين لتفسيره حسب المدلول اللفظي لكلمة "البيضاء"؛ ففسروا الاسم من اللون لطبيعة التلال الصخرية التي يغلب عليها اللون الأبيض، وتمادى البعض في تفسير الاسم على أنه للتشابه الكبير بين قمم التلال الصخرية ومنظر قمم البيض في الطبق الواحد، وكانت هذه التفسيرات مقبولة لدى السياح، على اعتبار أن ليس هناك أي علاقة ما بين الاسم وتاريخ الموقع أولا، ثم على اعتبار أن السكان المحليين أطلقوا هذا الاسم حديثاً، وبناءً على دلالته الوصفية للطبيعة التي يغلب عليها اللون الأبيض.

وتابع: للوقوف على حقيقة هذا الاسم فلا بد من معرفة بعض الحقائق العلمية التي ستساعدنا في كشف الغموض الذي ربما أحاط بهذه التسمية لعقود طويلة؛ فقد أجريت العديد من المسوح الأثرية لمنطقة البيضة وخلصت كلها إلى حقيقة واحدة، وهي: أن منطقة البيضة هي من أهم الضواحي الزراعية المحيطة بالبتراء، وتشتهر بزراعة العنب الأبيض، ووجد فيها أكثر من 200 معصرة عنب، إضافة إلى أنها المحطة التجارية الرئيسة حيث تتوسطها محطة القوافل النبطية، وتقع محطة القوافل بالقرب من سيق البارد الذي كانت تقام فيه احتفالات الشراب النبطية، ولم نكن نحتاج إلى ما يثبت حقيقة الأهمية الزراعية والتجارية لمنطقة البيضة في ظل الحقائق المعززة بالدليل الآثاري القاطع.

قال الفلاحات، تكاد تجمع المصادر التاريخية على علاقات وطيدة ما بين البتراء (الأنباط) والهند، كان الأنباط يجلبون من الهند البهارات والحرير والعطور والبخور وغيرها من مواد التجارة التي كانت مطلوبة لأسواق روما ومصر وبلاد الشام.

وأوضح الباحث الفلاحات أن أكثر الأسماء شيوعاً في منطقة (البتراء) والمناطق المحيطة، هي تلك لأسماء التي لها جذور لغوية، ما يستلزم الرجوع إلى المعاجم اللغوية في كل الحالات لمعرفة الاشتقاق اللغوي للاسم، والى المصادر التاريخية، وأحياناً يقودنا المدلول اللغوي إلى وظيفة المكان. وقد تعرض بعض الأسماء إلى بعض التحريف، "فالبصة" مثلاً وردت على أنها "بصّي" و "المذرة" حسب ما هو معروف بين الناس "مدرة". وهناك أسماء أماكن ولا يعرف الناس دلالاتها أو معنى هذه الأسماء في اللغة، والشواهد عديدة مثل: الحنو، المشقرة، الجباجب، جلواخ، عين عليس، وغيرها.

 

تراث الإمارات حاضر في جميع فعاليات الأيام

أكد الدكتور محمد عبد الحافظ، المدير الأكاديمي لمعهد الشارقة للتراث، أن التعريف بالتراث الثقافي في الإمارات ضمن أيام الشارقة التراثية، يهدف إلى تسليط الضوء على المخطوطات والوثائق والحرف التراثية، بالإضافة إلى التركيز على تاريخ الإمارات في مجال علم الاجتماع والآثار، وذلك لتمكين الزوار من الإلمام بعناصر التراث الثقافي المحلي، والتعرف على رؤية ورسالة المعهد وفروعه ومراكزه، وكذلك على ميادين ومجالات اهتمام المعهد وأنشطته وفعالياته، بالإضافة إلى تجربته في التخطيط الاستراتيجي للأنشطة التراثية الثقافية.

وبين أن المركز الأكاديمي في الأيام حرص في هذه النسخة على تقديم مفهوم شامل للتراث الثقافي من خلال تنظيم العديد من المحاضرات والأنشطة الأكاديمية، بالإضافة إلى إبراز دور المعهد ورسالته ورؤيته وتجربته في عمليات التخطيط الاستراتيجي والأكاديمي، وحصر عناصر التراث الثقافي المادي وغير المادي وحفظه وصونه عبر طرح برامج متنوعة في المركز الذي يعد أيقونة حقيقية لتعريف الزوار بمواضيع التراث المتنوعة، وتعزيز الوعي بأهميته؛ من أجل الوصول إلى أجيال واعدة تسهم في بناء المعرفة الإنسانية، وتنمية الاقتصاد الثقافي الإماراتي والعربي.

وأشار إلى أن المركز ينظم خلال الأيام التي تلقى في هذه النسخة اهتمام بالغ من قبل الجمهور وإقبال مميز من قبل محبي التراث والمعرفة والثقافة برنامج التخطيط الاستراتيجي وإدارة التغيير في المؤسسات الثقافية، ويطرح العديد من التجارب الشخصية التي تعد مرجع لزيادة خبرات الحضور خلال المحاضرات والورش والأنشطة التي يتم تنظيمها طوال الأيام.

وبين أن التراث عمل يتعلق بالمستقبل، ولذلك فلا بد من مواكبة الأحداث وتطوراتها والعمل على نقل التراث بصور متنوعة وعديدة وبسيطة عن طريق المحاضرات والورش والأنشطة والفعاليات التراثية، لإحداث تغيرات مرغوب فيها في المستقبل تأثر على الأجيال القادمة.