العدد 3452
الأربعاء 28 مارس 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
“بسكم طحنة!”
الأربعاء 28 مارس 2018

تعيش بين أكثرنا – دون شك – شخصية قاتلة؛ تكاد تنهش قلوبنا، وتنال من راحة بالنا، موجودة في كثير من الأسر، وقد تكون لصديق، أو زميل، أو جار، كل همها الشكوى؛ فإن لم يكن لديها موضوع؛ اختلقته، وظلت تتباكى عليه! لا يمكن أن يخرج من فمها، الكلام الجميل، ولا المفاجآت السارة، ولا التخطيط للحياة الحلوة، وكيف ذلك، والدنيا في منظورها دار بلاء، وهم، ونكد، وتعاسة، ومرض، و... وتعبت أنا شخصيا من كتابة هذه المفردات!

المهووسون بعلوم الطاقة يُسمونهم أصحاب الطاقة السلبية، أو مصاصيّ الطاقة، والواقع أنهم كذلك، أنا أسميهم “سمّ البدن”؛ فالاستماع إليهم يُقصّر العمر بالفعل؛ إذ لطالما كررنا هذه العبارة على من نسميه “الطحّان” أو “الزنّان”، إن عباراته تصل إلى الدماغ، لِتُحدث حالة تشويش، وفوضى، ومع الأيام؛ يُصيبه العطب!

وليس من قبيل المبالغة – وأنتم تعرفون أن الدماغ حمّال الرسائل – أن يُحرَّض القلب على الابتعاد عن هؤلاء، لذلك يميل الأشخاص الأسوياء إلى ترك مسافة أو مساحة تقيه شرور حماليّ الأسية، والمظالم، والمشاكل، ومخترعيها، هؤلاء (يكسرون القلب) بالمعنيين العامي والفصيح، وثبت علميا أن القلب يتعرض إلى خدوش! بل إن الثقل الذي يشعر به المرء، والذي يُعبَر عنه بإحساس الثقل، هو إحساس حقيقي وله علاقة بضخ الدم في القلب، وعليه تخيلوا كيف أنكم تموتون ببطء مع مثل هؤلاء!؟

من الجميل أن نستمع إلى مشاكل الأشخاص الذين يحيطون بنا، ونساعدهم على وضع الحلول، وإيجاد الاقتراحات، غير أنه من القبيح أن نعيد السيناريو للأشخاص نفسهم، كل مرة نلتقيهم فيها، فلا هم استمعوا إلى عصارة أفكارنا، ولا هم بدّلوا أحوالهم، لتتحسن أو تتغير نحو الأفضل!

ماذا يريد هؤلاء!؟ إنهم يبحثون – فقط – عن آذان تستمع إلى شكاواهم، ففي كل مرة لهم حدث درامي جديد يروونه حول مشاكلهم، التي لا يبدو أنها ستتخذ طريقًا نحو الحل أبدا، يعتاشون على الشكوى، ويبدو أنهم يتلذذون بها، حتى لو ذرفوا بدل الدموع دمًا! فلا تصدقهم! هؤلاء لا يبحثون عن السعادة، لا يصدقونها أصلا! وإذا وجدوا لها بابًا سدوه بسرعة الخائف، المتوجس!

لهؤلاء... نحن لسنا مِكبًا لمشاكلكم، التي لا يبدو أنها ستنتهي، إذا كانت حياتكم قصيرة؛ فما ذنبنا نحن لتقصر أعمارنا! ولنا نحن – للجميع منا – لنبتعد عنهم، فليس الصديق من يؤذيني! وليس الأخ من ينغص عليّ صفو حياتي! وليس شريك الحياة من يُتعسها!  ففي الترك راحة، وفي البعد غنيمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .