العدد 3445
الأربعاء 21 مارس 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
أصنام... تتحرك!
الأربعاء 21 مارس 2018

ما الذي يميزنا نحن البشر عن الأصنام؟ بمجرد أن يصل إلى عقلك هذا السؤال؛ ستبدأ في التفكير حول كينونتك البشرية، وأنك حي ترزق، والقلب يدق، والأعضاء تتحرك، وسرعان ما تُسخِّف السؤال وسذاجته! وربما تبدأ في تنزيه نفسك، وتستحضر الآيات التي تقول إنك أفضل الخلق، وأحسن التقويم، غير أن الواقع يقول لك يا سيدي الفاضل إن الأصنام اليوم؛ أصبحت مزارات، ومحطات سياحية؛ فحولها تُوضع سياجات الحماية، وممنوع منك الاقتراب، أو اللمس، الأصنام لها قدسية تفوقك أنت، بأضعاف!

هذه الأصنام، وعرفناها، فهل يظن بعضكم أنه ليس صنمًا، وأنه بمنأى عن هذا الوصف!؟ فقلبك الذي يخفق، وحرارة جسدك؛ لن يشفعا لك من الوقوع في الحالة الصنمية! فلا أنت صنمٌ حقيقيٌ؛ تُرمى تحت قدميك الدراهم، ولا أنت كائن بشري، يتحرك؛ ليكتشف الجديد، أو يطمح في تغيير حاله!

بعضنا، وبعضنا هذا كثير جدا، لا يتزحزح من وظيفته، سنة بعد سنة بعد عشر، وثلاثين؛ حتى يتقاعد! وكأنه لم يعرف في حياته إلا وظيفته – هي هي – وشركته – هي هي – بل لم يعرف كرسيًا غير كرسيه الأثير! ولولا قوانين الترقيّ، لبقي راتبه كما هو! وتقولون بعدها: في أحسن تقويم! حسن التقويم يتعدى الجسد إلى العقل، وحسن التقويم يعني أن أساير المتغيرات الحياتية؛ في العلم والعمل، أن أسعى للتغيير نحو الأفضل، ولا أكون أسير وظيفة، لا يرتفع ظهر كرسيها أو يتبدل، وأن أطمح أن أكون أفضل من الأمس، أفضل من اليوم في الغد.

هل سمعتم عن مفردة الشللية؟ إنها المرادف الحقيقي لـ “الصنمية”، تخيلوا وقفة المتعثر في مكانه، وذاك الذي دخل في غيبوبة؛ لا هو حي فيستفيق، ولا ميت فيدفن، إلا من رحم ربي! كأني ببعضكم يندب حظه، ويرمي حالته الشللية على المدير، والمسؤول، والحكومة، هذا وحده يكفينا لنمنحك وسام الصنمية مع مرتبة الشرف الأولى؛ فهذا موقف العاجزين، المتفرجين، الذين ينتظرون من الفرج أن يهطل مع المطر، ومع أول سحابة صيف! أنتَ، نعم أنت.. لا تجلس كالصنم؛ تحرك؛ فقدرك أنت من يُوجه مساره، لا أحد مسؤول عنك، أنت وحدك المسؤول عن نفسك، حرّكها نحو الأمام، تَذَكر طموحك الذي استغنيت عنه فجأة؛ لأجل حجة (باهتة)، وأعذارك التي لا تنتهي حول الظروف، والمال، والعيال، وانتبه: ستظل تتعذر كل حياتك، ولن تنهي الأعذار إلا في القبر!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية