العدد 3445
الأربعاء 21 مارس 2018
banner
ثقافة عمل
الأربعاء 21 مارس 2018

الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، مقولة قديمة تُقال عندما يختلف اثنان على أيّ من المواضيع، حيث يظل الود سائداً بين الأطراف على الرغم من اختلاف الآراء وتباين الأفكار، إلا أنه ومع بالغ الأسف، ليس هذا هو الحال أبداً في مجتماعاتنا الشرقية نظراً لما نمارسه في مجتمعاتنا من تعصب شديد في طرح الآراء. سبب مقدمتي هذه هو توقعاتي بخروج ردود أفعال حول المقترح النيابي الذي عرض في جلسة مجلس النوّاب الأخيرة بشأن اعتماد آلية “المراجع السري” وذلك بهدف ضمان جودة الخدمات الحكومية.

لا شك في أنه من الطبيعي جداً أن تختلف الآراء بين مؤيد ومعارض في أي موضوع يتم طرحه، خصوصا إذا كان متعلقاً بالشأن العام، ولا اعتراض على ذلك، فقد أشاد أحد كتاب الأعمدة على سبيل المثال في عموده بهذا القرار، معبراً عن قناعته الخاصّة بأهميّة وجود المئات من المراجعين السريين وليس مراجعا سرّيا واحدا، وذلك بهدف الكشف عن مواطن القصور والإهمال وحالات تقاعس الموظفين عن أداء أعمالهم.

غير أنني أتبنى هنا رأياً مخالفاً لهذا الاتجاه، فإنني أرى أنه سيكون من الأجدى كثيراً العمل على تطوير النظم والممارسات داخل المؤسسات والكيانات المختلفة، وتطبيق نظام مبدأ المكافأة والعقاب وفق قوانين الخدمة المدنية واللوائح التنظيمية التي يتم تطبيقها في هذه الحالات والمواقف، المطلوب هنا برأيي الخاص خلق ثقافة عمل صحيحة يتم من خلالها العمل على تكريس روح الفريق الواحد بين العاملين في المؤسسة، وإبداء قدر أكبر من الالتزام بالأنظمة والقوانين والانضباط والمتابعة من المسؤولين قبل الموظفين، إذ إن تطبيق النظم والقوانين ينبغي أن يكون ابتداء من قمّة الهرم الوظيفي وهذا هو أساس نجاح أي عمل مؤسسي.

المسألة الأخرى التي أجدها في غاية الأهمية، زرع الثقة بين الأفراد العاملين، ومنحهم جميع الصلاحيات المطلوبة لإنجاز أعمالهم، إذ إن تطوير العمل ينبغي أن تصاحبه ثقة المسؤولين في الموظفين لا ممارسة الرقابة الصارمة على أولئك الموظفين.

النقطة الأخرى تكمن في أهمية العمل على رفع مستوى العاملين بمختلف الوسائل المتاحة ومنها على سبيل المثال لا الحصر ابتعاثهم إلى دورات متخصصة سواء داخل البحرين أو خارجها بالإضافة إلى وضع برنامج خاص لتأهيل هؤلاء العاملين.  كما أن الأنظمة المعمول بها تحتاج إلى مراجعة شاملة ويتعيّن التسريع في تعديلها وتطويرها، فنرى اليوم أن الكثير من النظم والقوانين المطبقة أصبحت قديمة ولا تتناسب مع روح العصر الحالي، إضافة إلى أن ضوابط العمل يجب أن تشمل المساءلة والمحاسبة.

لابد أن يُدرك الجميع أن البعد المؤسسي أهم بكثير من البعد الفردي، لذلك لا أحد فوق المساءلة، كما أن العمل الفردي يبني مجتمع الأفراد والعمل المؤسسي يبني مجتمع المؤسسات وفي مجتمع المؤسسات تقوم دولة المؤسسات. والله من وراء القصد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية