العدد 3431
الأربعاء 07 مارس 2018
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
ليس فقرًا... إنه سوء اختيار!
الأربعاء 07 مارس 2018

من أجمل العبارات التي قيلت عن الفقر: أنْ تُولد فقيرا؛ فذلك قدَر.. ولكن أن تبقى كذلك طوال عمرك؛ فذلك اختيار. أيا تكن صياغة العبارة الأصلية، فما يهمنا هنا هو الفكرة الأساسية، نعم؛ في مقدور الإنسان أن يغير واقعه الاجتماعي؛ أنْ يجدّ ويجتهد، ويعمل ويسعى، فإذا لم يكن الشيء الذي يريده، على الأقل سيكون الشيء الأفضل مما كان عليه. هذا هو الأصل أيها السيدات والسادة، ليس الأصل أن تكون والدك؛ النسخة المطابقة، أو والدتك النسخة التي لا يوجد وجه آخر لها، الأصل أن تكون أنت “حاملا أجمل صفات الوراثة”؛ لتنقلها إلى مستقبلك الأفضل، الأكثر إشراقا، المستقبل الذي تنجح فيه شكلا ومضمونا.

هذه مقدمة عامة أردت من خلالها أن أتناول ما نسميه “الفقر”، هل نعيش – في البحرين على أقل تقدير – الفقر الحقيقي؟ هل لدينا عائلات معوزة بحاجة ماسة إلى الدعم والمساعدة؟ هل الفقر لديها متأصل، وله أبعاد عميقة، ترجع إلى تاريخ فقر “مدقع” في العائلة مثلا!؟

الواقع أننا جميعا لم ننزل من المريخ، ولا أظن أننا نحتاج إلى كثير من الإحصائيات، لا من جهات حكومية ولا من مؤسسات أهلية أو جمعيات خيرية؛ لنتأكد من واقع الحال. نعم؛ هناك حالات اجتماعية تحتاج إلى المساعدة الحقيقية؛ ناجمة عن الترمل، أو اليتم، أو الطلاق، أو طلب الدراسة، أو العلاج... وهذه تتكفل بها الدولة أو الجهة الأهلية، أو الأفراد. ولكنها ليست في أصلها فقرًا!

ما أردت قوله: إن الفقر الحقيقي لا وجود حقيقي له؛ يُشكل ظاهرة، الموجود هو حالات؛ بعضها يرجع إلى الظلم الاجتماعي الأسري؛ وعدم الإنصاف أحيانا، فالمجتمع اليوم – على سبيل المثال - يكابد فائضا من حالات الطلاق، والكثير من الحالات العلاجية، وقِس على ذلك الكثير مما يصعب الوفاء باحتياجاته، كما أن ضعف الدخل الشهري، وعدم استيعابه متطلبات الحياة، وما يستجد من لوازمها؛ سببٌ آخر، في عدّ الكثيرين من ذوي الحاجة، ولكنهم في المحصلة ليسوا فقراء؛ هم أصحاب دخول متدنية فقط! إن الفقر الحقيقي أن يفتقر العقل إلى وسائله في الموازنة، والتكييف، ووضع الخطط التي تُوائم بين ما يمتلكه من قدرات، وإمكانات مادية وغيرها مع الواقع الذي يعيشه. الفقر أن أنتظر من الدولة؛ أن تمنحني المال دون كدّ، والجمعية الخيرية؛ أن تكسيني وتطعمني، فأين أنا! إن الفقر أن أبقى أنا في الماضي؛ أنا في الحاضر؛ أنا في المستقبل... ولا جديد!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية