العدد 3428
الأحد 04 مارس 2018
banner
إعمار سوريا وسياسة رد الجميل (1)
الأحد 04 مارس 2018

دائما تكون عملية البناء صعبة وشاقة وطويلة الأمد وتحتاج لجهد كبير وصبر وعمل متواصل لاستكمال البناء وإنهائه على النحو المرجو، بينما لا تستغرق عملية الهدم إلا القليل من الوقت، حيث تكون ساعات فقط كافية لمحو وهدم ما تم بناؤه في أيام وشهور وربما سنوات.

هذه المعادلة مجربة ومعروفة في حياتنا ولا تحتاج لبرهان أو دليل لتأكيدها وتحقيقها، وهي تسري أيضا على الدول، فالعراق الذي تم تدميره في حروب كثيرة سيكون بحاجة لسنوات طويلة ونوايا صادقة وجهود متضافرة لإعماره وإعادته لما كان عليه قبل هذه الحروب التي استنزفت قدراته وموارده ومزقت نسيجه الاجتماعي.

سوريا هي الأخرى تعيش الوضع نفسه وتمر بالتجربة ذاتها، فبعد أن تكالبت عليها قوى عديدة اتحدت على نهب مواردها، ودول طامعة استهدفت أبناءها وشعبها واقتصادها وجميع مقدراتها، ها هي الآن تعيش معضلة حادة وتبحث عمن يعيدها لما كانت عليه قبل ما حل بها من دمار شامل وانهيار تام.

وعلى خلاف التوحد والتقارب الذي حدث في عملية نهب وتدمير سوريا، ساد الاختلاف والتباين وظهر الهروب من عملية البناء والإعمار وتفاوتت التقديرات والمنطلقات، الأوضح حتى الآن هو الموقف الروسي، حيث طالب نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري روغوزين خلال إحدى زياراته لسوريا في ديسمبر من عام 2017م على رأس وفد حكومي واقتصادي بضرورة الإسراع في عملية إعادة الإعمار في سوريا، مؤكدا أن النظام يخطط للتعاون مع روسيا بشكل حصري بهذا الصدد كنوع من رد الجميل للمساندة الروسية.

وينطلق الموقف الروسي مما تمتلكه سوريا كبلد غني أرضه خصبة ولديه ثروات باطنية وموقع استراتيجي، وحدد بوضوح شديد ملامح وطبيعة دور بلاده في إعمار سوريا، وهو أن روسيا لن تنخرط في مشاريع إعادة الإعمار كفاعل خير، إنما ستراعي مصالحها، كما أن للشركات الروسية حقًا معنويًا في تطوير المشاريع الاقتصادية في سوريا خصوصا في ظل الوجود العسكري الروسي هناك.

أما التقدير الروسي لكلفة الإعمار، فقد قدرها رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية “سيرغي كاتيرين” بما يتراوح ما بين 200 و500 مليار دولار، مؤكدا منح الأولوية للشركات الروسية في عملية الإعمار.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية