العدد 3427
السبت 03 مارس 2018
banner
حسابات الغوطة المتغيّرة (2)
السبت 03 مارس 2018

لا أحد يتوهّم بأنّ الأميركيين وقوى التحالف سينخرطون في مواجهة مباشرة مع الروس كرمى لعيون الضحايا السوريين!

لكن بين ذلك، واستمرار التطنيش على تفلّت موسكو من التزاماتها الخاصة بـ “البحث عن تسوية سياسية” وعودتها إلى اعتماد خيار “الحسم العسكري”، وإعطائها إشارات خطيرة على ذلك، ثم اعتمادها آليات بطش قروسطية “ردّاً على المسّ بـ”هيبتها” العسكرية والسياسية”... بين الأمرَين، هناك سبيل ثالث عنوانه “الشرعي” الراهن هو فتح ملف مواصلة بقايا السلطة الأسدية استخدام الأسلحة الكيماوية في أكثر من موقع! والتلويح مجدداً بذلك الخيار من خلال ذهاب القيادة الروسية نفسها وبعض الأصوات الأسدية إلى اتهام بعض المعارضة بامتلاك أسلحة كيماوية!
ذلك الاتهام، هو في العادة، مقدّمة “لابدّ منها” لاستخدام ذلك السلاح مجدداً، ثمّ رمي التهمة على الضحايا! وهذا أداء قد يبلف بعض الغاشين، لكنّه لا يمر عند الذين يعرفون كل شاردة وواردة في هذه الخريطة المشتعلة! وأول هؤلاء بطبيعة الحال، الأميركيون وحلفاؤهم!

تحت سقف المقاييس التي وضع هؤلاء تحتها خطا أحمر، تدخل اعتبارات أخرى، منها ضرورة لجم الجموح الروسي “المستجد”! وإعادة التذكير بالتفاهم الذي قضى بوضع الغوطة الشرقية من ضمن المناطق الآمنة الأربع! ثمّ التذكير أكثر، بأنّ “الموضوع” الإيراني في سوريا هو عند الإدارة الأميركية الراهنة، غير ما كان عليه عند الإدارة الأوبامية السابقة! وإن سقوط الضاحية الدمشقية المنكوبة سيعني إضافة المزيد على “نفوذ” طهران وليس العكس، مثلما سيعني في المحصلة العامة ابتعاد خيار “الحل السياسي” أكثر مما هو بعيد أصلاً في أجندة الإيرانيين والأسديين!

ويقول ثقات وعارفون ومطّلعون، إنّ الأميركيين حرصوا في الأيام القليلة الماضية على تمرير معطيات تفيد باكتمال مقوّمات قرار بمعاقبة الأسد على تكرار استخدامه السلاح الكيماوي، وعلى مواصلته “مع الإيرانيين” التملّص من موجبات “الحل السياسي”! والإمعان في ارتكاب “جرائم ضد البشرية”! وإن لائحة المواقع التي ستُستهدف أُوصلت بالفعل إلى الروس.. والتنفيذ حتميّ ما لم يتم الالتزام بقرار مجلس الأمن الأخير وبدء سريان قرار الهدنة في الغوطة الشرقية!
صعب الافتراض بأنّ هذه المعطيات غابت عن ذهن سفير أوباما السابق في دمشق مستر فورد! وسهل في المقابل الافتراض بأنّه آثر ويؤثر النكران كي لا يُدان معلّمه السابق!

وكي لا يُقال إنّ دونالد ترامب نسخة مُحدّثة عن سلفه! وإنه في النتيجة لم يغيّر شيئاً في سياسة بلاده السورية والإيرانية! أو إن “خطوطه الحمر” يمكن تخطيها من دون تبعات وأثمان!

هل يعني ذلك، أنّ الهجمة الراهنة على الغوطة انكسرت وأنّ مصيرها لن يكون مثيلاً لمصير شرق حلب؟! يمكن افتراض ذلك... أقلّه في المرحلة الراهنة. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .