في الوقت الذي تتبنى فيه الدولة تشجيع الاستثمار وتحفيز قطاع العقارات وفتح المجال للتملك الحر في بعض المناطق لغير المواطنين بدون فرض رسوم ولا قدوم، وفي الوقت الذي تصدر فيه قرارات لصالح العمالة الأجنبية، وتسهيل إقامتهم وتيسير سبل العيش لهم، تخرج علينا قرارات وزارية لا تسر المواطن بل تضر مصالحه وتهز مشاعره وتغمط حقه، منها القرار الصادم بفرض رسوم خدمات البنية التحتية على المواطن إذا قرر أن يبني منزلا آخر، وهو حق ثابت للمواطن أن يبني بيتا ثانيا وثالتا وحتى رابعا، فبناء المنازل هو بناء وتعمير وحضارة للبلد، كما يعزز الانتماء إلى الأرض ويوفر الحياة الكريمة للمواطن وأسرته.

العجيب أن القرار استثنى شركات التطوير العقاري التي تساهم في تمويل السكن الاجتماعي، مبررا بمراعاة كلفة البيع على المواطن، فهل أصبحت هذه الشركات العقارية التي تدر أرباحا طائلة على أصحابها أولى بالدعم الحكومي من المواطن؟ أليس هذا ما يسمونه “الكيل بمكيالين”؟ أليس المواطن هو نفسه المواطن وهو الأحق بهذا الدعم؟ هذه الشركات تستثمر في مناطق سكنية حديثة منها جزر يشق لها الصرف الصحي وتمد لها كابلات وتشق لها الطرق وتبنى لها الجسور وهي كلفة مضاعفة بينما تقدم إليهم الخدمات مجاناً، بالرغم من الأعداد الكبيرة للمساكن التي تقوم ببنائها هذه الشركات، إذا ما تمت مقارنتها بعدد المنازل التي سيبنيها بعض المواطنين لملكيتهم الخاصة!

لا نطلب مؤسسة لنشر السعادة كما في بعض الدول الخليجية، إنما نتمنى أن تراعي المؤسسات الحكومية مصلحة المواطن أولاً لأنه أساس التنمية والازدهار، وكل ما تبذله الدولة هو لأجل خدمة الشعب وتسهيل سبل الحياة له ولأبنائه، وهذا ما نتمنى أن يدركه المسؤولون في المؤسسات الحكومية، وأن التفنن في فرض القرارات التي لها تأثير على علاقة المواطن بدولته لا يخدم على المدى البعيد أي طرف، فأهمية المواطن رأس لاستراتيجية أي مشروع، خصوصا رؤية 2030، والرؤية لا تتحقق إلا بسواعد المواطنين، هذا المواطن الذي صنع تاريخ البحرين وكابد أجداده الأهوال وتحمل المصاعب لأجل العيش الكريم على أرض البحرين لا غير، ألا يستحق المواطن بعد هذا كله التقدير ووضعه على قمة الاهتمام قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار.

إن قرار فرض الرسوم على بناء المنازل للمواطنين مسألة فيها غمط كبير لحق المواطن على دولته بأن تقدم له الدعم كما تقدمه لشركات تمويل السكن الاجتماعي، ونتمنى أن يستثني القرار بناء المساكن لغرض السكن العائلي.