العدد 3396
الأربعاء 31 يناير 2018
banner
ما أشبه الليلة بالبارحة... (2)
الأربعاء 31 يناير 2018

في كتابه “الديمقراطية في إيران”، يستعرض ميساغ بارسه، السبب وراء اكتساب قوى القمع دائماً اليد العليا على حساب الدوافع الديمقراطية، وكيف يمكن أن تظهر الديمقراطية في نهاية المطاف في إيران. ويركز الكاتب بشكل أساسي على ما يعتبره “الوعد الديمقراطي الفاشل” للثورة الإسلامية 1978 - 1979. ويخلص إلى أنه نظراً لطابع الجمهورية الإسلامية، فإنه إذا جاءت الديمقراطية إلى إيران، فإنها ستفعل ذلك من خلال الثورة وليس الإصلاح التدريجي.
ويعتقد بارسه أن الثورة الإسلامية كان بإمكانها أن تؤدي إلى حكومة ديمقراطية، فقد تحققت من خلال ائتلاف واسع شمل طلاب المدارس والجامعات، وأصحاب المحال التجارية والتجار والمثقفين والعمال، وعبأ رجال الدين حشوداً كبيرة ومتنوعة في الشوارع، ولكن حتى أولئك الذين ساروا للثورة تحت راية المبادئ الدينية، والذين صوتوا في ما بعد لإنشاء جمهورية إسلامية، لم يتوقعوا الاستبداد والتطرف الديني اللذين سيؤسّسهما رجال الدين في ما بعد، وقاد زعيم الحركة آية الله الخميني الكثيرين، إلى الاعتقاد بأنه يؤيد شكلاً من أشكال الحكم الديمقراطي، وأنه ملتزم بحرية الصحافة وحرية التعبير، ولا مصلحة له في حكم البلاد لوحده، أو وجود رجال دين آخرين يديرون الحكومة.

إلا أن بارسه، في تأكيده على التطلعات الديمقراطية للعديد من الذين شاركوا في مسيرات 1978 - 1979، لم ينقل إلى أي مدى كان الخميني ملتزماً بفكرة الدولة الإسلامية التي يرأسها رجال الدين، ولا يعطي وزناً كافياً لسلطة رجال الدين كهيئة، وظهر الدين بشكل بارز في القيم والآراء السياسية للتجار، وأصحاب المحال التجارية، والطلاب الذين ظهروا من فوق منابر التيارات السياسية، مثل حركة حرية إيران، التي دعمت الثورة، ولم يذكر الشعار الرئيس للمرشد خميني “استقلال، حرية، جمهورية إسلامية” شيئاً عن الديمقراطية. وكان الخميني، الذي درّبه دون شك مستشارون علمانيون، من الذين اجتمعوا معه خلال نفيه القصير في باريس في عام 1978، قد انتبه إلى ضرورة إدراج المبادئ الديمقراطية، ولكن في مقالته الشهيرة عن الحكومة الإسلامية، التي تشكلت في عام 1970، خلال فترة نفيه الطويلة في العراق، أوضح الخميني أن رجال الدين يجب أن يحكموا في دولة إسلامية، وحتى في باريس، أصر على أن الشريعة يجب أن تسود في حكومة إسلامية حقيقية، وبعد الإطاحة بالنظام الملكي، صوّت الإيرانيون مخدوعين بأغلبية كبيرة لجمهورية إسلامية صريحة، وللدستور الذي كرّس سلطة رجل الدين - الخميني.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية