العدد 3373
الإثنين 08 يناير 2018
banner
مكاتب الكذب الدولية
الإثنين 08 يناير 2018

تهتم الكثير من الدول بصورتها الخارجية، الصورة المأخوذة عنها في المجتمع الدولي، أو الرائجة، عن دول فيها مستوى الجريمة مرتفع، أو الأولى في مستوى السعادة عالمياً، أو أن الفساد ينخرها، أو أنها دولة قمع ديكتاتورية، وبطبيعة الحال، فإن الدول الكبرى والقوية والمطمئنّة، لا تلقي بالاً، أو هكذا أظن، لهذه الترّهات، فلا يهمّها ما يقال عنها، ولا يعنيها كثيراً ما يشاع من أمور سلبية في الأساس، فلا أحد سيحاسبها، ولن تُرفع عليها العصا، وليست في وارد التعرض للعقاب، إذ هي من يعاقِب، لا من يعاقَب.

لكن في العلاقات الدولية، هناك ما هو معروف ومكشوف تماماً، ألا وهو شركات العلاقات العامة الدولية، التي تنحو إلى تبييض وجوه الدول، وتذبّ عنها ما وسعها الذبّ، وتعمل على تغطية الأخطاء، وتبرير المصائب، وتهوين الجرائم، وإظهار الأنظمة وكأنها محشورة في الزوايا، وهناك من لا عمل له إلا مهاجمتها ليلا ونهارا، وأن هناك مؤامرة كونية على هذه الدولة أو تلك، ومن حقّها أن تفكك خيوط اللعبة، وتفسد المخططات، وتعرّي الواقع.

لكن هل يجدي هذا نفعاً؟ فالكثير من الأنظمة لديها شركات علاقات عامة دولية معروفة، بالاسم، وعنوان المكتب، ومعروف عملها، وأنها معنيّة بتنظيف قاذورات طفحت وفاحت روائحها، وتسارع هنا وهناك للنفي وجلب إعلاميين مأجورين من الغرب ليشهدوا أن رائحة العفن الإداري ليست إلا عطورات باريسية، وأن القتلى في الشوارع من خداع الفوتوشوب، وأن زوجة الحاكم لم تشتر البرج الفلاني لنفسها، لكن لتنفق من دخله على المعوزين في بلادها، والكذب المفضوح مفتوحٌ لمن أراد التصديق، إلا أنه بعد كل هذه النفقات التي تنفقها الأنظمة على هذا النوع من المكاتب، يبقى الكذب كذباً، ولا يمكن تحويل طبيعة الألوان وتسمية الأشياء بغير مسمياتها.

هناك طريق أسهل، وأقصر، وأجدى نفعاً، وأٌقل ثمناً من هذا الهراء كله، أن تلتزم الأنظمة السيئة السمعة والصيت، القانون في الداخل والخارج، وأن تفتح الأبواب للعدل، وأن تكون أقل ظلماً، وأكثر شفافية مع مواطنيها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية