العدد 3338
الإثنين 04 ديسمبر 2017
banner
الإساءة للرموز (1)
الإثنين 04 ديسمبر 2017

يبدو أننا مازلنا نعيش حلقات مسلسل الإساءة لرموز استطاعت بعطاءاتها وإسهاماتها الثرية والمتواصلة ترسيخ مكانة لها في النفوس وحفر منزلة في القلوب، وأن يكون مجرد ذكر اسمها مصدرًا للارتياح والفخر والاعتزاز والمباهاة بما قدمته هذه النماذج المعطاءة والفريدة لمجتمعها والبشرية بأسرها.

تقوم ببطولة هذا المسلسل شخصيات كادت تتوارى عن الأنظار وتفقد قدرًا لا بأس به من التقدير والقبول، وتعتمد في الأداء على المبالغة والخروج عن القيم والتقاليد المتعارف عليها سواء فيما تدعوا إليه أو فيما تتحدث عنه أو تقوم بانتقاده، وذلك لإحداث أكبر قدر من الفرقعة الإعلامية التي تطيل أمد بقاء هذه الشخصيات التي لن يكون لها ذكر في سجل التاريخ إلا على الهامش السيئ منه.

رأينا كاتبة تهاجم الراحل الجليل الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي لا يختلف اثنان على علمه واستنارته وتفرده بخواطر عن آيات القرآن الكريم وآرائه ومواقفه المشهودة في كل ديار المسلمين، إلا أن هذه الكاتبة لم تر في الشيخ إلا موقفا قام هو بنفسه رحمه الله بتفسيره ووضع حد لأي جدال حوله، وفي السياق أيضًا، وجه أحد الأدباء سهامه الطائشة على مجموعة من الرموز وأساء إليهم ومن بينهم صلاح الدين الأيوبي، وأحمد عرابي.

من الأمور الغريبة فيما يحدث أن هؤلاء الراغبين في الشهرة يجدون من يتعاطف معهم ويدعمهم في الإساءة للشخصيات التي تحظى برضا عام وخصوصا في الجانب الديني والتاريخي، بينما يجدون صدًا شرسًا إذا تجرأوا على “فنانين” يجمع الناس على فنهم وإبداعهم، وهو أمر يثير الأسى، خصوصا أن الفن من الأمور المختلف حولها لاختلاف الأذواق، بينما في الدين والتاريخ أمور شبه ثابتة لا يمكن الاختلاف حولها، وهو ما يؤشر إلى تراجع في أهمية الدين والتاريخ لحساب ما هو أقل منهما قيمة، فلم يعد يهم الناس أن يسيء أي شخص لصحابي من الصحابة أو فرض ديني أو عالم جليل أو زعيم تاريخي، في حين يقفون بالمرصاد لمن يحاول انتقاد مطرب أو ممثل محبب إليهم. وللحديث بقية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .