العدد 3331
الإثنين 27 نوفمبر 2017
banner
الخلافة الافتراضية
الإثنين 27 نوفمبر 2017

لو عرف المخترعون والمكتشفون مآل اختراعاتهم والاستخدامات المسيئة لاكتشافاتهم لتمهلوا وتريثوا كثيرا، وما كان سيشكل عقبة كبيرة أمام تقدم البشرية كلها، فلم يكن أحد يصدق أن الثورة الهائلة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سيتم استخدامها في الأعمال المشبوهة وتحقيق غايات غير مشروعة، وكذلك استخدامها من قبل المنظمات الإرهابية ومنها داعش في ارتكاب أعمالها الإرهابية لتحقيق الخلافة بعد أن انحسر التنظيم جغرافيا وفقد معظم قوته عسكريا فلم يتبق له إلا تحقيق هذا الهدف عبر الإنترنت.

ربما يظن البعض أن المواجهة التقنية أسهل كثيرًا من المعركة الحربية، لكنها في واقع الأمر ستكون صعبة وممتدة، لأنها مواجهة ليست ضد التنظيم وإنما الفكرة التي يحملها ويروج لها ويستمد منها بقاءه، مركز كويليام البريطاني للأبحاث من أوائل الذين انتبهوا وحذروا من هذه المواجهة وذلك في عام 2015 عندما نشر تقريرا توقع فيه ازدياد الحضور العقائدي والفكري لتنظيم داعش مع تركيزه على فكرة «الخلافة»، وليس على وجودها، وأن المواجهة في المستقبل ستكون ضد تنظيم أضعف لكنه سيكون قادرا على السيطرة على جيوب من الأراضي في سوريا مع احتمالات لحرب عصابات في العراق.

الجنرال الأميركي جوزف فوتل قائد القيادة الأميركية الوسطى حذر في بداية هذا العام من هذه المواجهة الفكرية والتقنية مع تنظيم داعش، عندما أكد أن الهزيمة القاسية التي تعرض لها التنظيم في العراق وسوريا لا تعني نهاية التنظيم، لأنه سيجد ملجأ في العالم الافتراضي وخلافة افتراضية تمكنه من مواصلة تنسيق الاعتداءات وحشد المؤيدين إلى أن يصبح قادرا على إعادة الاستيلاء على الأراضي.

وتبقى الفكرة الوسيلة المثلى في هذه المواجهة، فإذا كان تنظيم داعش يجمع الأتباع ويحشد المناصرين بحجة إقامة الخلافة، فعلينا إيجاد فكرة مضادة وجامعة وقادرة على دحض ما يدعو إليه تنظيم داعش، ثم توافر الجدية وخصوصا لدى شركات الإنترنت وكبريات الشركات التكنولوجية في محاربة الظاهرة الإرهابية بكل أشكالها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية